كتاب شرح ديوان المتنبي للعكبري (اسم الجزء: 3)

- الْغَرِيب الرعب الْفَزع يُقَال رعبته فَهُوَ مرعوب إِذا أفزعته وَلَا يُقَال أرعبته وَيجوز فِيهِ سُكُون الْعين وَضمّهَا وَقَرَأَ ابْن عَامر وَالْكسَائِيّ بِضَم الْعين _ الْمَعْنى قَالَ الواحدي شاع الْخَوْف فيهم شيوعا عَاما فَكَأَن الْخَوْف بسط يَمِينه فِي ميامن عساكرهم وشماله فِي مياسرهم حَتَّى انْهَزمُوا وَهُوَ معنى قَول أبي الْفَتْح وَقَالَ ابْن الإفليلي بسط الرعب فِي أَيْديهم أيديا مثلهَا تمنعها من الْبَطْش وتقصرها عَن الْكَفّ فَوَلوا مخذولين وَهَذَا ضد قَول الآخر
(إنَّا وَجَدْنا بَني جُلاَّنَ كُلَّهُمُ ... كَساعِدِ الضَّبّ لَا طُولٌ وَلا قِصَرُ)

29 - الْغَرِيب الروع الْخَوْف والفزع والأغلال جمع غل وَهُوَ رِبَاط تشد بِهِ الْيَد إِلَى الْعُنُق الْمَعْنى يَقُول يرعش الْخَوْف أَيْديهم فقد صَارَت فِي قلَّة الْغناء وَإِن كَانَ فِيهَا سيف بِمَنْزِلَة الْيَد المغولة وَالْمعْنَى ينفض الْفَزع من أَيْديهم السِّلَاح فَيسْقط ويسلبهم إِيَّاه الذعر فَيذْهب حَتَّى كَأَن سيوفهم فِي أَيْديهم أغلال تَملكهَا وموانع تمنعهم من التَّصَرُّف بهَا وَهُوَ من قَول جرير فِي الفرزدق
(ضَرَبْتَ بهِ عِنْدَ الإمامِ فأُرْعِشَتْ ... يَدَاكَ فَقالُوا مُحْدِثٌ غَيرُ صَارِمِ)

30 - الْإِعْرَاب نصب وُجُوهًا بإضمار فعل دلّ عَلَيْهِ قَوْله ينفض تَقْدِيره ويغير وُجُوهًا يُرِيد أَنه يُغير ألوانها وَهَذَا من بَاب قَوْله تَعَالَى {فَأَجْمعُوا أَمركُم وشركاءكم} أَي وَادعوا شركاءكم وَكَقَوْلِه {وَالَّذين تبوءوا الدَّار وَالْإِيمَان} يُرِيد وأحبوا الْإِيمَان وكقول الشَّاعِر
(ورأيْتِ زَوْجَكِ فِي الْوَغَى ... مُتَقَلِّداً سَيْفا وَرُمْحا)
وَقَالَ أَبُو الْفَتْح هُوَ من قَوْله
(عَلَفْتُها تِبْنا وَماءً بارِداً ... )
_ الْمَعْنى يَقُول للمدوح وَغير الروع وُجُوهًا قد انتقعها الْخَوْف وأذهب جمَالهَا الذعر فَهِيَ ترْعد متغيرة وتعبس متوقعة قد أخافها مِنْك وَجه قد أحرز غايات الْحسن وغلبها على الْجمال وَالْفضل فالحسن وَالْجمال لوجهك لَا لَهَا

الصفحة 142