كتاب شرح ديوان المتنبي للعكبري (اسم الجزء: 3)

- الْغَرِيب الجلى الظَّاهِر المكشوف الْمَعْنى يَقُول مُشِيرا إِلَى الرّوم وفرارهم بَين يَدَيْهِ وَبعدهَا تكلفوه من غزوهم وتعاطوه من حِصَار الْحصن إِن مَا تيقنوه من قصد سيف الدولة وتسابقه نحوهم أكذب مَا ظنوه وأراهم الجلية فِيمَا حاولوه وعرفهم أَن حظهم الِانْتِقَال عَمَّا أضمروه من الْإِقْدَام إِلَى الْفِرَار والانهزام فأزال العيان مَا كَانَ الظَّن يحدث لَهُم ثمَّ ضرب لَهُم مثلا بقوله
32 - الْإِعْرَاب وَحده الضَّمِير للجبان لَا لِلطَّعْنِ لقَوْله والنزال وَهُوَ فِي مَوضِع نصب على الْحَال أَي مُنْفَردا _ الْغَرِيب الجبان ضد الشجاع وَهُوَ الَّذِي يجبن عِنْد لِقَاء الْعَدو وَجبن بِالْفَتْح فَهُوَ جبان وَجبن بِالضَّمِّ فَهُوَ جبين وَامْرَأَة جبان كَمَا قَالُوا حصان ورزان والنزال فِي الجرب أَن يتنازل الْفَرِيقَانِ ونزال بِالْكَسْرِ مثل قطام بِمَعْنى انْزِلْ لِأَنَّهُ معدول عَن المنازلة وَلِهَذَا أنث زُهَيْر فِي قَوْله
(وَلَنِعْمَ حَشْوُ الدّرْعِ أنْتَ إذَا ... دُعِيَتْ نَزَالِ وَلُجَّ فِي الذُّعْرِ)
وَهَذَا من قَول الْحَكِيم الْجُبْن ذلة كامنة فِي نفس الجبان فَإِذا خلا بِنَفسِهِ أظهر شجاعتها _ الْمَعْنى يُرِيد إِذا مَا خلا الجبان بأرضه وَبعد عَن الأقران بِنَفسِهِ طلب الطعْن والمنازلة وتعاطى الْقِتَال والمبارزة فَإِذا أحس بِمن يقاتله رَجَعَ إِلَى طبعه واعتصم بالفرار من قرنه فَكَذَا كَانَ شَأْن الرّوم وشأن سيف الدولة أظهرُوا الْإِقْدَام عَلَيْهِ فَلَمَّا أحسوا بِهِ فروا من بَين يَدَيْهِ وَهَذَا كَمَا تَقول الْعَرَب فِي أَمْثَالهَا كل مجر فِي الْخَلَاء يسر أَي إِذا أجْرى الْإِنْسَان فرسه وَحده سر بجريه فَإِذا قاربه مثله ذهب سروره
33 - الْمَعْنى قَالَ الواحدي يُرِيد بقلب أَي إِلَّا وَالْقلب مَعَهم حلفوا ليحضرن عُقُولهمْ وليعملن أفكارهم فِي قتالك ثمَّ قَالَ لطالما غرت الْعُيُون يُرِيد كذبهمْ عَنْك كثيرا مَا رَأَوْهُ بعيونهم مغترين مِنْك فطالما اغتروا بمواقعتك فأفنيت جيوشهم وَكَثِيرًا مَا أقدموا فِي الْحَرْب على معاناتك فأتلفت نُفُوسهم
34 - الْغَرِيب آل رَجَعَ يُقَال طبخت الشَّرَاب فآل إِلَى قدر كَذَا أَي رَجَعَ

الصفحة 143