كتاب شرح ديوان المتنبي للعكبري (اسم الجزء: 3)

ورنا إِلَيْهِ يرنوا رنوا إِذا أدام النّظر يُقَال ظلّ رانيا وأرناه غَيره وأرناني حسن مَا رَأَيْت أَي حَملَنِي على الرنو وكأس رنوناة أَي دائمة ووزنها فعللة وَأَصلهَا رنونوة تحركت الْوَاو وَانْفَتح مَا قبلهَا فَانْقَلَبت ألفا فَصَارَت رنوناة وَقَالَ أَبُو عَليّ فعوعلة قَالَ ابْن أَحْمَر
(مَدَّتْ عَلَيْهِ المُلْكُ أطْنابَها ... كأسٌ رَنَوْناةٌ وَطِرْفٌ طِمِرَ)
_ الْمَعْنى قَالَ الواحدي هَذَا متناقض الظَّاهِر لِأَنَّهُ أنكر أَن تديم عين النّظر إِلَيْهِ فِي المصراع الأول وَأنكر فِي الثَّانِي أَن يعود طرف رنا إِلَيْهِ وَلم يشخص قَالَ هَذَا يحمل على عُيُون الْأَعْدَاء والأولياء فعين الْعَدو لَا تديم النّظر إِلَيْهِ هَيْبَة لَهُ وَعين الْوَلِيّ تتحير فِيهِ وَتبقى شاخصة فَلَا ترجع إِلَى صَاحبهَا قَالَ وَقَوله فلاقتك من لَاق الشَّيْء والاقه إِذا أمْسكهُ قَالَ وَهَذَا مِمَّا لم يتَكَلَّم فِيهِ أحد من الشُّرَّاح وَصدق فِي قَوْله لِأَن أحدا من الشُّرَّاح لَا يستحسن أَن يَقُول مثل هَذَا وَإِنَّمَا الْمَعْنى أَنه يَقُول أَي عين بَطل تأملتك فلاقاك من اللِّقَاء صَاحبهَا وأقدم على مواقعتك النَّاظر بهَا وَأي شُجَاع مجرب أَو كمي مقدم رنا إِلَيْك طرفه ولاحظتك عينه فَرجع عينه قَاصِدا إِلَيْك وَتعرض للكر مقدما عَلَيْك
35 - الْإِعْرَاب يرْوى للعين بِالضَّمِّ لِأَنَّهُ فَاعل يشك ويروى بِالنّصب على الذَّم بإضمار أَعنِي أَو أَشمّ اللعين وَقَوله فَهَل هُوَ اسْتِفْهَام تجاهل لِأَنَّهُ علم أَنه لَا يبْعَث الجيوش للنوال _ الْغَرِيب النوال الْعَطاء _ الْمَعْنى يَقُول لم يشك هَذَا اللعين فِي أَنَّك تغلب جَيْشه وتتحكم فِيهِ وتأخذه وتتملكه وتشمل أَهله بِالْقَتْلِ والأسر وَالله تكفل لَك عَلَيْهِ بأبلغ النَّصْر إفتراه إِنَّمَا يجْهر الجيوش إِلَيْك عَطاء لَك يَقْصِدهُ وإتحافا بهم يعتمده
36 - الْإِعْرَاب يرْوى ومرجاه بِالْإِضَافَة وموضعه رفع بِالِابْتِدَاءِ وَخَبره أَن يصيد أَي صيد الْهلَال ويروى مرجاة بتاء التَّأْنِيث مَنْصُوبَة نصب الْمَفْعُول مَعَه كَقَوْلِك مَالك وزيدا وَأَجَازَ أَبُو الْفَتْح الْخَفْض عطفا على من فالواو فِي الْوَجْه الأول وَاو الْحَال وَفِي الثَّانِي وَاو مَعَ وَفِي الثَّالِث وَاو الْعَطف _ الْغَرِيب الحبائل جمع حبالة وَهِي الْإِشْرَاك ومرجاة مفعلة من الرَّجَاء رَجَوْت فلَانا رَجَاء ورجاوة ومرجاة مثل مسعاة ومعلاة _ الْمَعْنى يَقُول مَا لمن ينصب الْإِشْرَاك فِي الأَرْض وَهَذَا اسْتِفْهَام تعجب يتعجب مِمَّن يفعل هَذَا وَهَذَا مثل يُرِيد بِهِ امْتنَاع سيف الدولة وَبعده عَن أَن تناله يَد عَدو بِسوء فَالَّذِي يفعل هَذَا كمن يروم صيد الْهلَال فِي الأَرْض وَهَذَا إزراء على فعل ملك الرّوم بإقدامه

الصفحة 144