كتاب شرح ديوان المتنبي للعكبري (اسم الجزء: 3)
- الْمَعْنى يُرِيد أَن الزَّمَان مَحْمُول على حَاله صائر إِلَى مثل مآله فَإِذا صَحَّ فالزمان فِي صِحَة وسلامة ودعة واستقامة وَإِذا اعتل فالزمان وَأَهله فِي تشك وَعلة واضطراب وَهَذَا كَمَا يرْوى عَن مُعَاوِيَة انه قَالَ نَحن الزَّمَان فَمن رفعناه ارْتَفع وَمن وضعناه اتضع وروى أَنه سمع رجلا يذم الزَّمَان فَقَالَ لَو يعلم مَا يَقُول لضَرَبْت عُنُقه إِن الزَّمَان هُوَ السُّلْطَان
29 - الْغَرِيب الثَّنَاء الْخَيْر كَيفَ يصرف وَمَا يثني من حَدِيث أَي ينشر الْمَعْنى يَقُول إِذا غَابَ عَن مَكَان فَإِنَّهُ يذكر بِالْخَيرِ وَالْفِعْل الْحسن فَكَأَنَّهُ شَاهد فِيهِ وَقيل إِذا غَابَ عَن مَكَان وَجهه وانتقل إِلَى غَيره شخصه فَفِي الْمَكَان الَّذِي يُفَارِقهُ من طيب خَيره وكرم أَثَره وَجه جميل لَا يعْدم وَذكر كريم لَا يفقد
30 - الْإِعْرَاب إلاك الأجود أَن يَقُول إِلَّا إياك وَلكنه أَتَى بالضمير الْمُتَّصِل فِي مَوضِع الْمُنْفَصِل وَهُوَ جَائِز فِي ضَرُورَة الشّعْر الْمَعْنى يَقُول أَنْت الشجاع فَلَيْسَ أحد من الْمُلُوك يقي عرضه بِسَيْفِهِ إِلَّا أَنْت ملك عالي الهمة رفيع الْقدر سَيْفه مسلول دون عرضه فَهُوَ يغلب من غالبه وَلَا يفوتهُ من طلبه
31 - الْغَرِيب سراياك جمع سَرِيَّة وَقيل هِيَ مَا بَين خمس وَتِسْعين إِلَى ثَلَاث مئة الْمَعْنى يُرِيد أَنه فِي وَجه الْعَدو يدفعهم عَن بِلَاد الْمُسلمين فَكيف لَا يَأْمَن الْعرَاق ومصر وَمَا اتَّصل بهما من بِلَاد الْعَرَب وسراياك دونهمَا وخيولك وفرسانك وجنودك يمْنَعُونَ من أرادها ولولاك لاستبيحت تِلْكَ الْبِلَاد وَلم يتَعَذَّر على الْعَدو فِيهَا المُرَاد
32 - الْغَرِيب التحرف الْميل والسدر جمع سِدْرَة والنخيل جمع نَخْلَة وهما ضَرْبَان تخْتَص كثرتهما بالعراق ومصر أَرَادَ حَتَّى يربطوا خيولهم فِي السدر والنخيل فَكَأَنَّهُ قلب الْمَعْنى فجعهما يربطان خُيُول الْأَعْدَاء وَجعل الْفِعْل للسدر والنخيل توسعا الأنها هِيَ الممسكة إِذا ربط إِلَيْهَا فَكَأَنَّهَا ربطتها وَقَالَ أَبُو الْفَتْح هُوَ من بَاب الْقلب كَقَوْلِك سَاءَنِي أَمر كَذَا أَي وَقع السوء فِيهِ وَفِيه معنى آخر وَهُوَ أَنه وصف سيف الدولة بالسعادة حَتَّى لَو تحرف عَن طرق من يعاديه لربط السدر والنخيل خيولهم كَقَوْل الآخر
(تَرَكُوا جارَهُمُ يَأكُلُهُ ... ضَبُعُ الْوَادِي وَيَرْمِيهِ الشَّجَرْ)
الصفحة 156