كتاب شرح ديوان المتنبي للعكبري (اسم الجزء: 3)
- الْغَرِيب التنغيص التكدير والمرتع مَوضِع المرعى والمخصب الْكثير العشب والمرعى وَهُوَ اسْتِعَارَة والهزيل الْبَالِي الْمَعْنى يَقُول نغص بعدِي عَنْك مَا أحَاط بِي من مواهبك وَمَا اتَّصل بِي من عوارفك ومكارمك فمرتعي بِعَطَائِك خصب لَا يجدب وجسمي ببعدي عَنْك هزيل لَا يسمن يُشِير إِلَى اشْتِغَال نَفسه بِقَصْدِهِ وأسفه على فِرَاقه وَبعده يَقُول لست أتهنأ بِعَطَائِك وَلَا أَرَاك فَإِنِّي فِي قرب عطائك مني وبعدي عَنْك كمن يرتعي فِي مَكَان مخصب وَهُوَ مَعَ ذَلِك هزيل
40 - الْغَرِيب التبوؤ الْقَصْد إِلَى الْمنزل وَالْإِقَامَة فِيهِ وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {أَن تبوآ لقومكما بِمصْر بُيُوتًا} والنيل الْعَطاء والمنيل الْمُعْطِي الْمَعْنى يَقُول إِن تبوأت دَارا غير دَارك ويروى إِن تبوأت غير أَرْضك دَارا يَقُول إِن تبوأت غير دَارك دَارا واستوطنت بَلَدا غير بلدك وأصبت فِيهِ مَالا وسعة وَعَطَاء ومكرمة فَأَنت الْمُعْطِي لذَلِك النّيل وَالْمُنْفَرد بذلك الْفضل لِأَن أوكد وسائلي تدنيني مِنْك وَأَنا مَعْدُود عَلَيْك وَإِن بَعدت عَنْك
41 - الْغَرِيب الرِّيف هُوَ مَا أحدق بسواد الْعرَاق وَهُوَ أَيْضا إقليم عَظِيم بِأَرْض مصر فِي ظَاهرهَا والنيل أَيْضا بِمصْر وَالْأَصْل فِيهِ الأَرْض يكون فِيهَا زرع وخصب وَالْجمع أرياف ورافت الْمَاشِيَة إِذا رعت الرِّيف وأرريفنا إِذا صرنا إِلَى الرِّيف وأرافت الأَرْض إِذا أخصبت وَهِي أَرض ريفة بتَشْديد الْيَاء الْمَعْنى يَقُول إِذا بقيت لي فلي من عَبِيدِي ألف كافور مثل الَّذِي رغبت عَن صحبته وكرهت الْبَقَاء فِي جملَته ولى من نداك عوض من الرِّيف والنيل اللَّذين بهما شرف بَلَده وَفِيهِمَا بسط يَده
42 - الْغَرِيب الرزايا جمع رزية وَهِي الْمُصِيبَة والخبل بِسُكُون الْبَاء الْفساد وَالْجمع خبول وَفِي بني فلَان دِمَاء وخبول يَعْنِي قطع الْأَيْدِي والأرجل وَرجل مخبل كَأَنَّهُ قد قطعت أَطْرَافه وَالْحَبل بِكَسْر الْحَاء الداهية وَالْجمع حبول قَالَ كثير
(فَلا تَعْجَلِي يَا عَزُّ أنْ تَتَفَهَّمي ... بِنُصْحٍ أَتى الوَاشُونَ أمْ بِحُبُولِ)
الْمَعْنى قَالَ ابْن القطاع قَالَ لي شَيْخي قَالَ على بن حَمْزَة الْبَصْرِيّ قَرَأت على أبي الطّيب هَذَا الْبَيْت فَقَالَ إِنَّمَا قلت تقتك يُقَال تقيت الشَّيْء واتقيته وَقَالَ غَيره من جَمِيع الروَاة اتقتك وَالْمعْنَى إِذا تخطتك وَلم تنلك وتعدتك ومتعني الله ببقائك ودوام رفعتك وأسعدني باتصال مدتك فَلَا أُبَالِي من أَصَابَته آفَات الدَّهْر وخطوبه وَمن قصدته دواهيه وصروفه فَإِن أملي إِنَّمَا هُوَ مَعْقُود بك
الصفحة 158