كتاب شرح ديوان المتنبي للعكبري (اسم الجزء: 3)

- الْإِعْرَاب قَالَ ابْن القطاع الصَّحِيح من معنى هَذَا الْبَيْت أَن مَا نكرَة بِمَعْنى شَيْء مَوْضُوعَة للْعُمُوم كَأَنَّهُ قَالَ أمط عَنْك تشبيهي بِشَيْء من الْأَشْيَاء كَمَا أَنَّك تَقول مَرَرْت بِمَا معجب لَك أَي بِشَيْء معجب لَك وَقَالَ الجراجاني لَا تقل مَا هُوَ إِلَّا كَذَا وَكَأَنَّهُ كَذَا وَإِذا قلت مَا هُوَ إِلَّا الْأسد وَكَأَنَّهُ الْأسد فقد أثبت مَا لتحقيق التَّشْبِيه كَقَوْل لبيد
(وَما المَرْءُ إلاَّ كالشِّهابِ وَضَوْئهِ ... )
وَقَالَ الربعِي عَن المتنبي أردْت مَا أشبه فلَانا بفلان وَقَالَ عَليّ بن فورجة هَذِه مَا الَّتِي تصْحَب كَأَن إِذا قلت كَأَنَّمَا زيد الْأسد وَإِلَيْهِ ذهب الْخَطِيب قَالَ يُرِيد أمط عَنْك تشبيهي بِأَن تَقول كَأَنَّهُ الْأسد وكأنما هُوَ اللَّيْث وَهُوَ قَول رَدِيء بعيد عَن الصَّوَاب لِأَن أَبَا الطّيب قد فصل مَا من كَأَن وقدمها عَلَيْهِ وأتى فِي مَكَانهَا بِالْهَاءِ فاتصال مَا بكأنه غير مُمكن لفظا وَلَا تَقْديرا وَهِي مَعَ ذَلِك لَا تفِيد معنى إِذا اتَّصَلت بكأن فَكيف إِذا انفصلت مِنْهُ وقدمت عَلَيْهِ وَهِي فِي الْأَقْوَال الثَّلَاثَة مُنْفَصِلَة قَائِمَة بِنَفسِهَا تفِيد معنى وَقَالَ أَبُو الْفَتْح هِيَ استفهامية وَفِي قَول الْجِرْجَانِيّ نَافِيَة وَفِي قَول الربعِي تعجبية والكافة إِنَّمَا تدخل لتكف عَن الْعَمَل لَا لِمَعْنى تحدثه بِمَنْزِلَة الزَّائِدَة وَقَالَ الشريف هبة الله بن عَليّ الشجري اللفظان اللَّذَان مثل بهما أَبُو زَكَرِيَّا يحيى ابْن عَليّ التبريزي كَأَنَّهُ وكأنما فهما كَأَن وَحدهَا لِأَن معنى كَأَن وكأنما وَاحِد فَلَا فرق بَين أَن يَقُول أمط عَنْك تشبيهي بكأن وكأنما فَهُوَ فَاسد من كل وَجه وَقَالَ أَبُو الْفَتْح وَهُوَ الَّذِي كَانَ يُجيب بِهِ إِذا سُئِلَ عَن هَذَا أَنه يعْتَبر كَأَن قَائِلا قَالَ بِمَا يشبه فَيَقُول الآخر كَأَنَّهُ الْأسد فَقَالَ هُوَ معرضًا عَن هَذَا القَوْل أمط عَنْك تشبيهي بِمَا وَكَأَنَّهُ فَلَمَّا جَاءَ بِحرف التَّشْبِيه ذكر مَا فِي التَّشْبِيه وَقَالَ أَبُو بكر الْخَوَارِزْمِيّ مَا هَاهُنَا اسْم بِمَعْنى الَّذِي يُقَال لمن يشبه بالبحر كَأَنَّهُ مَا هُوَ نصف الدُّنْيَا يعنون الْبَحْر لِأَن الدُّنْيَا بر وبحر وَيَقُولُونَ كَأَنَّهُ مَا هُوَ سراج الدُّنْيَا يعنون الشَّمْس وَالْقَمَر وَلما كَانَ لَفظهَا فِي الْمُشبه بِهِ ذكره المتنبي مَعَ كَأَن الْغَرِيب الإماطة الرّفْع والتنحية وَمِنْه إمَاطَة الْأَذَى عَن الطَّرِيق الْمَعْنى يَقُول لَا تشبهني بِأحد وَلَا تقل كَأَنَّهُ وَمَا مثله فَأَنا مَا فَوقِي أحد فَلَا يشبهني بِشَيْء وَهَذَا قَوْله فِي حَال الصِّبَا مَعَ شدَّة حمقه فِي الكهولة
5 - الْإِعْرَاب الضَّمِير فِي إِيَّاه للسيف الْغَرِيب الطّرف الْفرس الْكَرِيم وَجمعه طروف والذابل مَا لَان واهتز من الرماح الْمَعْنى يَقُول دَعْنِي وسيفي وفرسي حَتَّى تَجْتَمِع فنكون فِي رَأْي الْعين شخصا وَاحِدًا وَمن روى نَكُنْ وَاحِدًا ونلق بالنُّون فَهُوَ مجزوم لِأَنَّهُ بدل من قَوْله نَكُنْ كَقِرَاءَة الْقُرَّاء سوى عبد الله بن عَامر وَأبي بكر بن عَيَّاش عَن عَاصِم يُضَاعف لَهُ الْعَذَاب بِالْجَزْمِ بدل من قَوْله {يلق أثاما} وَمن روى يلقى بِالْيَاءِ فَهُوَ وصف لوَاحِد النكرَة وَهُوَ مَرْفُوع وَقَالَ أَبُو الْفَتْح وَقد لَاذَ فِي هَذَا الْبَيْت بقول ذِي الرمة
(وَليْلِ كجِلْبابِ العَرُوسِ ادَّرَعْتُهُ ... بأرْبَعَةٍ والشَّخصُ فِي العَينِ وَاحِدُ)

(أحَمُّ غُدَافِيّ وأبْيَضُ صَارِمٌ ... وأعْيَسُ مَهْرِيّ وأرْوَعُ ماجِدُ)

الصفحة 161