كتاب شرح ديوان المتنبي للعكبري (اسم الجزء: 3)

الْجَواب الْمَذْكُور وَمثله قَوْلك وَالله إِن تزرني لأكرمنك بِجعْل الْجَواب للقسم لتقدمه وسد جَوَاب الْقسم مسَّد جَوَاب الشَّرْط وَإِذا قدمت الشَّرْط جعلت الْجَواب لَهُ فَتَقول إِن تزرني وَالله أكرمك وَجَاء فِي التَّنْزِيل من ذكر جَوَاب الأسبق لَئِن أخرجُوا لَا يخرجُون مَعَهم لما كَانَت اللَّام مؤذنه بالقسم كَانَ الْجَواب لَهُ وَقَوله يهوى يجوز فِيهِ الْجَزْم وَالرَّفْع فَمن رَفعه جعله وَصفا لدنف وَمن جزمه جعله جَوَاب صلى لِأَن الْأَمر أحد الْأَشْيَاء الَّتِي تنوب عَن الشَّرْط فَهُوَ فِي الرّفْع والجزم كَقَوْلِه تَعَالَى {أرْسلهُ معي ردْءًا يصدقني} بِالْجَزْمِ كَقِرَاءَة نَافِع وبالرفع وَكَقَوْلِه {فَهَب لي من لَدُنْك وليا يَرِثنِي} بِالْجَزْمِ كَقِرَاءَة أبي عَمْرو وَعلي بن حَمْزَة وبالرفع كَقِرَاءَة البَاقِينَ الْغَرِيب الدنف الْمَرِيض والدنف بِالتَّحْرِيكِ الْمَرَض الملازم وَرجل دنف بِفَتْح النُّون وَامْرَأَة دنف أَيْضا يَسْتَوِي فِيهِ الْمُذكر والمؤنث وَالْجمع والتثنية فَإِن قلت دنف بِكَسْر النُّون ثنيت وجمعت وَذكرت وأنثت ودنف بِالْكَسْرِ ثقل فِي الْمَرَض وأدنفه الْمَرَض يتَعَدَّى وَلَا يتعدي الْمَعْنى أَنه أقسم عَلَيْهَا بِسحر ألحاظها أَن تصل مَرِيضا يهوى الْحَيَاة بوصالها وَأما مَعَ صدودها فَلَا يهوى الْحَيَاة وَلَا يريدها وَيُرِيد بِسحر الجفون أَنَّهَا إِذا نظرت تغلب عقول الرِّجَال وتصيد قُلُوبهم فَكَأَنَّهَا سحرتهم وَهُوَ من قَول دعبل بن عَليّ الْخُزَاعِيّ الْكُوفِي
(مَا أطْيَبَ العَيْشَ فأمَّا عَلى ... أَن لَا أرَى وَجْهَكِ يَوْما فَلا)

(لَوْ أنَّ يَوْما مِنْكِ أوْ ساعَةً ... تُباعُ بالدُّنْيا إذَنْ مَا غَلا)

5 - الْغَرِيب النصول ذهَاب الخضاب تَقول نصل الخضاب إِذا ذهب والسلوة ذهَاب الْمحبَّة سلا يسلو سلوا إِذا أقلع عَن الْمحبَّة الْمَعْنى يَقُول هَذَا الدنف إِلَّا يشب رَأسه أَو لحيته فَلَقَد شابت كبده واستعار شيب الكبد وَهُوَ قَبِيح نَقله من شيب الْفُؤَاد وَالْمعْنَى شَاب فُؤَاده من حرارة الشوق فَإِذا خضبت السلوة ذَلِك الشيب ذهب الخضاب وَلم يثبت لِأَن سلوته لَا تدوم وَلَا تبقى وَإِذا زَالَت السلوة زَالَ خضاب فُؤَاده وَعَاد شَيْبه إِلَى أَكثر مَا كَانَ وَهَذَا من قَول أبي تَمام
(شابَ رأسِي وَما رأيْتُ مَشِيبَ الرْأْسِ ... إلاَّ مِنْ فَضْلِ شَيْبِ الفُؤادِ)

6 - الْمَعْنى من روى يحن بِالْحَاء فَهُوَ من حن يحن حنينا أَي يشتاق وَمن روى يجن بِضَم الْيَاء وَفتح الْجِيم فَهُوَ من الْجُنُون وَبِه قَرَأت الدِّيوَان على شَيْخي

الصفحة 164