كتاب شرح ديوان المتنبي للعكبري (اسم الجزء: 3)
قَالَ الواحدي أَي بعد الْيَوْم الَّذِي بادت بَنو تَمِيم أَو بعد إسْلَامهمْ الْحلَل إِلَى يَوْمنَا هَذَا الَّذِي نَحن فِيهِ لَو ركضت خيلهم فِي لَهَوَات صبي مَا شعر بهم حَتَّى يسعل يُرِيد خيل بني تَمِيم لقلتهم وذلتهم وَقد بَالغ رَحمَه الله حَتَّى أَحَالهُ انْتهى كَلَامه وَالْوَجْه الثَّانِي هُوَ الأجود وَهَذَا مَأْخُوذ من قَول الشَّاعِر
(لَوْ أنَّهُ حَرَّكَ الجُرْدَ الجِيادَ عَلى ... أجْفانِ ذِي حُلُمٍ لَمْ يَنْتَبِهْ فَرَقا)
وَفِيه نظر إِلَى قَول خَالِد الْكَاتِب
(وَمَرَّ بِفِكْرِي خاطِراً فجَرَحْتُهُ ... وَلْم أرَ شَيْئا قَطُّ يَجْرَحُهُ الفِكْرُ)
20 - الْغَرِيب الأولى بِمَعْنى الَّذين والجزر مَا ألْقى للسباع وَمِنْه قَول عنترة
(فَتْركْتُهُ جَزَرَ السبِّاعِ يَنُشْنَهُ ... )
وَيُقَال مَا كَانُوا إِلَّا جزرا لسيوفنا أَي الَّذين نقتلهم فنلقيهم للسباع الْمَعْنى يُرِيد إِن الَّذين لقوك مِنْهُم أفنيتهم بِالسَّيْفِ وَكَانُوا جزرا للسباع وَالَّذين لم يلقوك مَاتُوا خوفًا مِنْك وَمن جيشك فَقَتلهُمْ وجلا والوجل شدَّة الْخَوْف
21 - الْغَرِيب المهمة مَا بعد واتسع من الأَرْض وَالْقَذْف الْبعيد الْإِعْرَاب الضَّمِير فِي قضاني عَائِد إِلَى المهمة أَي هَذَا المهمة قضاني بعد أَن مطل لبعده ومشقة قطعه الْمَعْنى يَقُول كم طَرِيق بعيد شاق قطعه قلب من يدل فِيهِ كقلب العاشق لاضطرابه وخوفه من الْهَلَاك فِيهِ قطعته بالسير فِيهِ بعد مَا طَال على وصعب واستعارة لَهُ المطل وَالْقَضَاء لِأَن الْمَطْلُوب مِنْهُ انْقِطَاعه بالسير فَهُوَ بِطُولِهِ وَبعد انْقِطَاعه كالماطل الَّذِي يمطل بِمَا يَقْتَضِي مِنْهُ وَهَذَا المهمة لطوله وشدته كَأَنَّهُ يمطل وَقَالَ ابْن القطاع غلط ابْن جنى فِي هَذَا الْبَيْت فَرَوَاهُ قلب الْمُحب بِفَتْح الْحَاء يُرِيد المحبوب وَهُوَ من الْغَلَط الْفَاحِش لِأَن قلب المحبوب سَاكن الجأش وَإِنَّمَا الْخَائِف الْمُحب بِكَسْر الْحَاء وَلِهَذَا شبهه بقلب الدَّلِيل لخوفه فِي هَذَا المهمه يَقُول قطعته بعد شدَّة فَكَأَنَّهُ مطلني ببعده وَهَذِه الرِّوَايَة الَّتِي ذكرهَا لم أسمعها من اُحْدُ عَن ابْن جنى
22 - الْغَرِيب المفاوز جمع مفازة وَسميت بذلك تفاؤلا بالفوز وَقيل بل من قَوْلهم فوز الرجل إِذا مَاتَ فِي مهلكة وحر الْوَجْه أشرف شَيْء فِيهِ وأفل النَّجْم غَابَ قَالَ تَعَالَى {فَلَمَّا أفل قَالَ لَا أحب الآفلين}
الصفحة 170