كتاب شرح ديوان المتنبي للعكبري (اسم الجزء: 3)
- الْغَرِيب الصب العاشق المشتاق وَقد صببت يَا رجل بِالْكَسْرِ قَالَ الشَّاعِر
(وَلست تَصّبُّ إِلَى الظَّاعِنيِنَ ... إذَا مَا صَديِقُكَ لَمْ يَصْبَبِ)
ورغبت فِي الشَّيْء طلبته وأردته رَغْبَة ورغبا بِالتَّحْرِيكِ ورغبت عَن الشَّيْء إِذا لم ترده والبكرة أول النَّهَار والأصيل آخِره وَالْمعْنَى يَقُول علمت أَنَّك تُرِيدُ المكارم وتطلبها وَأَنت مشتاق إِلَيْهَا تحبها وملازمها بكرَة وَأَصِيلا
3 - الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح مَا ذكره يحْتَمل مَعْنيين أَحدهمَا أَن يكون أهْدى إِلَيْهِ شَيْئا كَانَ أهداه إِلَيْهِ صديقه الممدوح وَالْآخر أَن يكون أَرَادَ أَنِّي جعلت مَا كَانَ من عادتك أَن تهديه إِلَيّ وتزودينه وَقت فراقك هَدِيَّة مني إِلَيْك أَي أَسأَلك أَن لَا تتكفله لي وَقَالَ الْعَرُوضِي فِيمَا أملاه مِمَّا استدركه على أبن جنى أَرَادَ أَنَّك تحب أَن تُعْطِينِي فَجعلت قبُول هديتك إِلَى هَدِيَّة مني إِلَيْك لحبك ذَاك قَالَ الواحدي وَقَول الْعَرُوضِي أمدح وأليق بِمَا قبله من رغبته فِي المكارم وأشتياقه إِلَيْهَا وَقَوله وظرفها التأميلا الظّرْف وعَاء الشَّيْء يَقُول جعلت تأميلي مُشْتَمِلًا على قبُول الْهَدِيَّة كاشمال الظّرْف على مَا فِيهِ والهدية مُخْتَلفَة على الْأَقْوَال الْمَذْكُورَة فعلى الأول هَدِيَّة أهداها الممدوح فَعَادَت إِلَيْهِ وعَلى القَوْل الثَّانِي الْهَدِيَّة أَن لَا يهدي الممدوح إِلَى المادح شَيْئا وعَلى القَوْل الثَّالِث أَن لَا يهدي إِلَى المتنبي شَيْئا فَتكون كَمَا لَو أهْدى إِلَيْهِ لحبه الإهداء للمتنبي
4 - الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح أَي لَا كلفة لَهُ عَلَيْك لِأَنِّي لم أتكلف لَك شَيْئا من مَالِي وَإِنَّمَا هُوَ من مَالك عَاد إِلَيْك وبقى بِحَالَة عنْدك وَيكون تحمل شكري على قبُوله ثقيلا عَليّ لتكامل صنيعك بِهِ وَقَالَ الْعَرُوضِي هَذَا الْبَيْت تَأْكِيدًا لما فسرته لِأَنَّهُ يَقُول هَذِه الْهَدِيَّة بر تحبه فيخفف عَلَيْك قبُوله لِأَنَّهُ فِي الْحَقِيقَة إِعْطَاء لي وَأَنت تخف إِلَى الْإِعْطَاء لي وَلَا منَّة عَلَيْك لِأَنَّك إِذا أَعْطَيْتنِي أثقلت رقبتي بالشكر
الصفحة 179