كتاب شرح ديوان المتنبي للعكبري (اسم الجزء: 3)

- 1 الْإِعْرَاب روى أسى منونا ونصبه بالتمييز كَمَا تَقول عَزِيز دَوَاء وَمن رفع بِالِابْتِدَاءِ وعزيز خَبره مقدم عَلَيْهِ إِذا جعلت من معرفَة وَإِذا جعلت من نكرَة كَانَ عَزِيز مُبْتَدأ وَذهب بعض النَّحْوِيين إِلَى ان المبتداء وَالْخَبَر إِذا كَانَا نكرتين فالمبتدأ هُوَ الأول لَا غير وَقد يكون الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر نكرتين وَأَحَدهمَا أخص من الآخر كَقَوْلِك ذهب خَاتم فِي إصبعه فخاتم هُنَا أخص من ذهب وَهُوَ ثَان فَيكون مُبْتَدأ أولى من ذهب وَمن تُوصَف على وَجْهَيْن بِالْجُمْلَةِ والمفرد فوصفها فِي قَول عَمْرو بن قميئة بِالْجُمْلَةِ
(يَا رُبّ مَنْ يُبْغِضُ إذْ وأدَْنا ... رُحْنا عَلى بَغْضَائه وَاعْتَدْنا)
وبالمفرد فِي قَول حسان بن ثَابت الْأنْصَارِيّ
(وكفَى بِنا فَضْلاً عَلى مَنْ غَيرِنا ... حُبُّ النَّبِيّ محَمَّدٍ إيَّانا)
فَمن نكرَة فِي الْبَيْتَيْنِ لِأَن رب لَا يليهاالمعرفة وَقَول حسان على من أَي على قوم أَو نَاس وَيجوز رفع غَيرنَا على أَنه خبر مَحْذُوف يُرِيد من هُوَ غَيرنَا كَقِرَاءَة الْأَعْمَش من أَعمال أسم الْفَاعِل وَالصّفة المشبهة باسم الْفَاعِل من غير اعْتِمَاد كَقَوْلِك قَائِم غلامك وروى قوم أسى من داؤه الحدق النجل عَزِيز وَقَوله عياء فِي رَفعه ثَلَاثَة وَجه إِن شِئْت جعلته خَبرا بعد خبر كَقَوْلِهِم هَذَا حُلْو حامض أَي قد جمع الطعمين وَإِن شِئْت أبدلته من الحدق لِأَنَّهَا الدَّاء فِي الْمَعْنى كَأَنَّك قلت من داؤه عياء وَإِن شِئْت أضمرت لَهُ ابْتِدَاء الْغَرِيب عَزِيز من عز إِذا قل وجوده وَيجوز أَن يكون بِمَعْنى شَدِيد صَعب غَالب للصبر من قَوْلهم عزه يعزه إِذا غَلبه وَهُوَ من قَوْله تَعَالَى {عَزِيز عَلَيْهِ مَا عنتم} والأسى فِيهِ وَجْهَان أَحدهمَا الْحزن وَفعله أسى يأسى وَالْآخر العلاج والإصلاح وَفعله أسا يأسو وَمِنْه أسوت الْجرْح إِذا أصلحته أسيا وأسوا والحدق جمع حدقة وَهِي السوَاد الَّذِي فِي العبن والنجل الواسعات جمع نجلاء وَهِي الواسعة والعياء الدَّاء الَّذِي لَا علاج لَهُ قد أعيا الْأَطِبَّاء الْمَعْنى يَقُول عَزِيز يُرِيد صَعب من داؤه الحدق أَي عَزِيز دَوَاء من داؤه الحدق أَو عَزِيز مداواة من دواه الحدق الواسعة وداؤه قد أعيا الْأَطِبَّاء وَمَات بِهِ

الصفحة 180