كتاب شرح ديوان المتنبي للعكبري (اسم الجزء: 3)
(خطَراتُ ذِكْرِكِ تَسْتَفِزُّ مَسامعي ... فأحِسُّ مِنها فِي الفُؤَادِ ذَبِببا)
(لَا عُضْوَ لي إلاَّ وفَيه صَبابَةٌ ... فَكأنَّ أعْضَائي خُلِقْنَ قُلُوبا)
6 - الْإِعْرَاب حُرُوف النداء يَا وأيا وهيا وَأي والهمزة وَحذف حرف النداء كَقَوْلِك زيد قَالَ أَبُو الْفَتْح أبدل الْيَاء من حبيبتا فِي النداء ألفا تَخْفِيفًا وَقَلْبًا بدل من قَوْله حبيبتا وفؤادا بدل من قلبا كَقَوْلِك أخي سَيِّدي مولَايَ نِدَاء بعد نِدَاء وَقَالَ هُوَ فِي مَوضِع نصب لِأَنَّهُ نِدَاء مُضَاف أَرَادَ يَا حبيبتي يَا قلبِي يَا فُؤَادِي وَالْقلب والفؤاد هما الحبيبة وَقَالَ الواحدي يجوز أَن تكون الْألف فِيهِ للندبة أَرَادَ يَا حبيبتاه يَا قلباه يَا فؤاداه فَحذف الْهَاء للدرج فِي الْكَلَام قَالَ وَكَذَا ذكر ابْن فورجة وَقَالَ قلبا وفؤادا يدعوهما لِأَنَّهُ يتشكاهما شكوى العليل كَمَا قَالَ ديسم بن شاذلويه الْكرْدِي
(أنِيِني أنِيسِي وَشَجوِى وِسادِي ... وَعَيْني كَحِيلٌِ بشَوْكِ القتاد)
(إذاَ قِيلَ دَيْسَمُ مَا تَشْتَكي ... أقُلُ بِشجْوِ فُؤَادِي فُؤَادِي)
قَالَ وَقَالَ بَعضهم قلبِي فُؤَادِي فِي مَوضِع رفع وَالتَّقْدِير حبيبتي قلبِي فُؤَادِي أَي هِيَ لي بِمَنْزِلَة الْقلب والفؤاد وعَلى هَذَا جمل أسم امْرَأَة من العواذل تعذله يَقُول لَهَا يَا جمل هِيَ فُؤَادِي أَي فَلَا اسْمَع عذلك فِيهَا وَلَا افارقها الْغَرِيب أَرَادَ حَبِيبَة فصغرها للتقريب من قبله كَقَوْل أبي زبيد
(يَا أبْنَ أُمِّي وَيا حُبيَّبَ نَفْسِي ... أنْتَ خَلَّفْتَنِي لِدَهْرٍ شَدِيدِ)
وتصغير التَّعْظِيم كَقَوْل لبيد
(وكلُّ أناسٍ سَوّفَ تَدخُلُ بيتَهُمُ ... دُوَيْهِيَّةٌ تَصْفَرٌ مِنها الأنامِلُ)
وكقول الْحباب بن مُنْذر الْأنْصَارِيّ يَوْم السَّقِيفَة أَنا جذيلها المحكك أَنا عذيقها المرجب وتصغير التحقير مثل أنيسان وَنَحْوه وجمل من أَسمَاء نسَاء الْعَرَب كهند وليلى وسلمى وسعدى وسعاد وَقَوله بِأَنَّهُ هِيَ فعلة من الأنين وَيكون من شدَّة الوجع أَن يَئِن أنينا إِذا أشتكى الْمَرَض الْمَعْنى يَقُول إِذا عذلوا فِي هَذِه المحبوبة لم ألتفت إِلَى كَلَامهم وَإِنَّمَا أُجِيبهُم بالأنين
الصفحة 182