كتاب شرح ديوان المتنبي للعكبري (اسم الجزء: 3)
الْمَعْنى يَقُول إِلَى مَالك مَال كلما تفرق شَمل مَاله تجمع شَمل معاليه وطابق بَين التَّفْرِيق وَالْجمع يُرِيد كلما جمع مَالا من غَزَوَاته وفرقه على أوليائه تجمع لَهُ شَمل الْمَعَالِي
15 - الْغَرِيب الغمد جفن السَّيْف وقرابه والنصل السَّيْف والهمام الْملك الرفيع الهمة إِذا هم بِشَيْء لَا يتْركهُ الْإِعْرَاب من خفض هماما جعله بَدَلا مِمَّا تقدم يُرِيد إِلَى همام وَمن رَفعه قطعه عَمَّا قبله وَرَفعه بإضمار أبتداء الْمَعْنى يَقُول إِذا أبصرته وَقد جرد سَيْفه من غمده لم تدر أَيهمَا النصل لمضائه وجرأته لِأَنَّهُ يمْضِي فِي الْأُمُور مضاء السَّيْف وَهُوَ من قَول الطَّائِي
(يَمُدونَ بالبِيضٍ القَوَاطعِ أيْديِا ... وَهُنَّ سَوَاءُ والسُّيُوفُ القَوَاطعُ)
16 - الْغَرِيب أبن أم الْمَوْت أَخُو الْمَوْت وَجعله أَخا الْمَوْت لِكَثْرَة مَا يقتل وَخص الْأُم لِأَن الْأُم أخص بالمولود من الْأَب أَلا ترى أَن عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام ولد من غير أَب وَلم يُولد أحد من غير أم فَإِن قيل إِن حَوَّاء من غير أم قُلْنَا حَوَّاء لم تولد وَإِنَّمَا خلقت كخلقة آدم من ضلعه وَأكْثر الْحَيَوَانَات تعرف بِالْأُمِّ لَا بِالْأَبِ والبأس الشدَّة وَفَشَا طهر والنسل مَا ينسل من الْأَوْلَاد الْمَعْنى يَقُول لَو أَن باس هَذَا الممدوح ظهر فِي النَّاس لَكَانَ يقتل بَعضهم بَعْضًا فَلَا يبقي أحد ينسل نَسْلًا وفني الْخَلَائق بِكَثْرَة الْقَتْل
17 - الْإِعْرَاب أَرَادَ فِي موج المنايا فَحذف حرف الْجَرّ وأوصل سابحا إِلَى الموج فنصبه كَقَوْل الآخر
(بأسْرَعِ الشَّدِّ مِنِّي يَوْمَ لانِنةٍ ... لَمَّا لَقِيتُهُمُ وَاهْتزَّتِ اللِّمَمُ)
أَرَادَ بأسرع فِي الشد مني فَحذف وَنصب وَقَوله غذاة كَأَن أضَاف غذاة إِلَى الْجُمْلَة الَّتِي بعْدهَا وظروف الزَّمَان تُضَاف إِلَى الْجمل تَقول رَأَيْتُك يَوْم جَاءَ الْحَج وَيَوْم ضربت زيدا وَيَوْم قدم أَبوك الْغَرِيب السابح الَّذِي يسبح كَأَنَّهُ من حسن جريه يسبح والموج مَا يكون فِي الْبَحْر من شدَّة الرِّيَاح وَهُوَ من ماج يموج إِذا تحرّك والنبل السِّهَام والوبل الْمَطَر الشَّديد يُقَال وبل الْمَطَر يبل وَبلا فهم وابل الْمَعْنى لما اسْتعَار لفرسه السباحة اسْتعَار للمنايا الموج وَهُوَ جمع منية يَقُول
الصفحة 186