كتاب شرح ديوان المتنبي للعكبري (اسم الجزء: 3)

أَي انْقَضى ونجز بِالْفَتْح حَاجته ينجزها بِالضَّمِّ نجزا إِذا قَضَاهَا ونجز الْوَعْد وأنجز حر مَا وعد وَفِي الْمثل المحاجزة قبل المناجزة الْمَعْنى يَقُول لَا وعد لَهُ فينجزه وَلَا مطل يمطل بِهِ والمطل المدافعة فقد منعت عطاياه دون الْوَعْد فحصولها عَاجلا يمْنَع من الْوَعْد وَإِذا لم يكن وَعدا لم يكن إنجاز وَلَا مطل كَقَوْل أَشْجَع السّلمِيّ
(يَسْبِقُ الوَعدَ بالنَّوال كَمَا يَسْبِقُ ... بَرْقَ الغُيُوث صَوْبَ الغَمامِ)

24 - الْمَعْنى يَقُول عطاياه كَثِيرَة فَلَا يقدر أحد على تحديدها بِأَن يَجْعَل لَهَا حدا إِلَيْهِ تَنْتَهِي كَمَا لَا يقدر أحد على رد مَا فَاتَ بل رد الْفَائِت أقرب من تحديدها وَلَا يقدر أحد على أَن يحصي مكارمه وأيسر من إحصائها إحصاء الْمَطَر والرمل وهما لَا يحصيان
25 - الْإِعْرَاب مَا يجوز أَن يكون أستفهاما مَعْنَاهُ الْإِنْكَار وَيجوز أَن يكون نفيا وأخبارا ونعل خبر وجوهها وَاللَّام تتَعَلَّق بِهِ وَفِي كل نائبة مُتَعَلق بِفعل مَحْذُوف تَقْدِيره يطَأ بِهِ وَمِمَّنْ بتعلق بتنقم الْغَرِيب نقمت الشَّيْء بِالْفَتْح أَنْقم بِالْكَسْرِ أَي كرهته وَمِنْه قَوْله تَعَالَى وَمَا نقموا مِنْهُم أَي كَرهُوا وعابوا والاخمص بَاطِن الْقدَم الْمَعْنى يَقُول هُوَ عَزِيز شَدِيد الْبَأْس وَالْقُدْرَة فَلَا تقدر الْأَيَّام على مُخَالفَته فقد ذلت لَهُ ذل من يطوءه بأخمص قَدَمَيْهِ حَتَّى تصير تحتهما كالنعل فِي الذل وَلَا تقدر الْأَيَّام أَن تعيبه وَلَا ترد عَلَيْهِ مَا يفعل
26 - الْغَرِيب عزه غَلبه وقهره من قَوْلهم من عز بز وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {وعزني فِي الْخطاب} الْمَعْنى يَقُول لم يَقْهَرهُ مُرَاد أَرَادَهُ وَلَا أمتنع عَلَيْهِ فِي طول الْأَيَّام وَإِن كَانَ قَلِيل الْوُجُود إِلَّا أَن يكون لَهُ نَظِير فَأَنَّهُ يمْتَنع عَلَيْهِ وَلَا يُوجد لعدم نَظِيره كَقَوْل البحتري
(كُلُّ الذَّي تَبْغي الرّجالُ تُصيبهُ ... حَتَّى تُبَغِّى أنْ تَرَى شَرْوَاهُ)
وَكَقَوْلِه أَيْضا
(وَلِئنْ طَلَبْتُ شَبِيهَةُ إِنِّي إِذا ... لَمُكَلِّفٌ طَلَبَ المُحالِ رِكابِي)
وَجمع أَبُو الطّيب بَين وَجْهَيْن من الْمَدْح الاقتدار والانفراد عَن الْأَمْثَال

الصفحة 189