كتاب شرح ديوان المتنبي للعكبري (اسم الجزء: 3)

كَمَا تملأ السَّاق الْعَظِيمَة الْخدمَة وَهُوَ من قَول الطَّائِي
(أثافٍ كالخُدُودِ لُطِمْنَ حُزْنا ... وَنُؤْيٌ مِثْلُ مَا انْقَصَمَ السوار)
فَنقل السوار إِلَى الخدام وَأَصله من قَول الأول
(نُؤْيٌ كَمَا نَقَصَ الهِلالَ مَحَاقُهٌ ... أوْ مِثْلُ مَا قَصَمَ السِّوَارَ المِعْصَمُ) وَجعل أَبُو الطّيب الخدام خرسا لِأَن السَّاق إِذا امْتَلَأَ لم تتحرك والخلخال كالنؤي يمْلَأ مَا أحدق بِهِ من الأَرْض وَهُوَ تَشْبِيه حسن
6 - الْإِعْرَاب الضَّمِير فِي قَوْله فِيهَا رَاجع إِلَى ريا وَهِي المحبوبة الْمَعْنى يَقُول أَنا أعشق العشاق فِي هَواهَا وَأَنت أعذل العذال لي يُرِيد كَثْرَة لومه إِيَّاه فَلَا تعذلني وأترك عني عذلك فلست أرجع عَنْهَا
7 - الْغَرِيب النوي الْبعد والفراق والحية الذواق يُرِيد نَفسه وَهُوَ كالحية الذّكر لَا يسْتَقرّ فِي مَوضِع والفلا جمع فلاة وَهِي الأَرْض الواسعة والظلال جمع ظلّ قَالَ تَعَالَى {هم وأزواجهم فِي ظلال} وَقَرَأَ الأخوان ظلل جمع ظلة الْمَعْنى يَقُول مَا تُرِيدُ النوي مني وَقد ذقت الْأَشْيَاء وجربتها وَقد ضجرت مني الْأَسْفَار وتعودت حر فلواتها وَبرد ظلالها وَالْمعْنَى حر النَّهَار وَبرد اللَّيْل لِأَن اللَّيْل كُله ظلّ وَهَذَا شكاية من الْفِرَاق وَأَنه مبتلى بِهِ
8 - الْغَرِيب الروع الْفَزع الهول الْمَعْنى يَقُول لقِيت الشدائد على اختلافها وَأَنا أَشد إقداما فِي الْخَوْف من إقدام ملك الْمَوْت لأَخذه الْأَرْوَاح فَأَنا أخوض غمار الحروب من غير خوف والخيال يُوصف بالسري يُقَال أسرى من خيال الخيال لِأَن يقطع من الشرق إِلَى الغرب
9 - الْغَرِيب الحتف الْهَلَاك والقالي الْمُبْغض وقلاه أبغضه قَالَ الله تَعَالَى {مَا وَدعك رَبك وَمَا قلى} أَي وَمَا أبغضك وَمِنْه بَيت الحماسة
(كُلّ لَهُ نِيةٌ فِي بغْضِ صَاحِبِهِ ... بِنِعْمَةِ اللهِ نَقْلُوكُمُ وتُقْلُونا)

الصفحة 193