كتاب شرح ديوان المتنبي للعكبري (اسم الجزء: 3)

وبعلمه يَهْتَدِي إِلَى مَا أشكل من مسَائِل الدّين وَهُوَ نقي الْقلب لَا غش عِنْده وَهُوَ بَقِيَّة الأبدال يُرِيد أهل الصّلاح
21 - الْغَرِيب نضح المَاء إِذا رشه على الأَرْض أَو الثَّوْب ينضحه بِالْكَسْرِ والنضح أَيْضا الشّرْب دون الرّيّ يُقَال نضح عطشه ينضحه والنضيح الْحَوْض وَالْجمع نضح وَكَذَلِكَ النَّضْح بِالتَّحْرِيكِ وَالْجمع أنضاح وَإِنَّمَا سمي بذلك لِأَنَّهُ ينضح عَطش الْإِبِل أَي يبله والنضيح الْعرق قَالَ الراجز
(تَنْضَحُ ذِفْرَاهُ بِمِاءِ صَبٍّ ... مِثْلِ الكُحَيْلِ أَو عَقيد الرُّبِّ)
والمدن جمع مَدِينَة وَسميت مَدِينَة لَان أَهلهَا يُقِيمُونَ بهَا وَمِنْه مدن بِالْمَكَانِ أَقَامَ بِهِ والبوائق جمع بائقة وَهِي الداهية يُقَال باقتهم الداهية تبوقهم بوقا بِالْفَتْح وباقتهم بؤوقا على فعول وانباق عَلَيْهِم هجم عَلَيْهِم بالداهية كَمَا يخرج الصَّوْت من البوق وَقَوله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام لم يُؤمن من لم يَأْمَن جَاره بوائقه أَي ظلمه وغشمه وغوائله وشره والزلزال بِالْفَتْح الِاسْم وبالكسر الْمصدر وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {إِذا زلزلت الأَرْض زِلْزَالهَا} الْمَعْنى يُخَاطب صَاحِبيهِ يَقُول لَهما خذا مَاء رجل هَذَا الممدوح فرشاه فِي الْبِلَاد فَأَنَّهَا تأمن الزلزلة لِأَنَّهُ رجل صَالح من أهل الصّلاح
22 - الْغَرِيب البقير ثوب لَا كم لَهُ وَهُوَ الَّذِي يلْبسهُ الصّبيان ويلبس للأموات عِنْد الْكَتِفَيْنِ الْمَعْنى يَقُول هُوَ رجل مبارك يستشفي بِثَوْبِهِ من جَمِيع الدَّاء وَذَلِكَ لما يرجون من بركته لِأَنَّهُ ثوب مبارك فَهُوَ يشفي من الإعلال
23 - الْإِعْرَاب مالئا نصب على الْحَال والشرق والغرب مَفْعُوله وَكَذَا قُلُوب الْغَرِيب النوال الْعَطاء الْمَعْنى يَقُول هُوَ كريم شُجَاع فقد مَلأ الشرق والغرب بجوده وَكَرمه وَقُلُوب الرِّجَال ببأسه وشدته
24 - الْمَعْنى يَقُول هُوَ يزهد فِي الدُّنْيَا فَلَا يطْلبهَا وَلَا يريدها وَلَو شَاءَ ضمهَا إِلَيْهِ كلهَا فملكها وَلكنه يزهد فِيهَا لحقارتها عِنْده

الصفحة 197