كتاب شرح ديوان المتنبي للعكبري (اسم الجزء: 3)

- الْغَرِيب البقايا جمع بَقِيَّة وعفت الشَّيْء كرهته والركانة الشدَّة والصلابة وَسمي الرُّكْن ركنا لِشِدَّتِهِ ولإسناد الشَّيْء إِلَيْهِ الْمَعْنى يَقُول مَا بَقِي من حلمه الَّذِي أعطَاهُ الله كره النَّاس فَلم يحل بهم فَحل فِي الْجبَال فَصَارَ ركَانَة فِيهَا وثبوتا
31 - الْغَرِيب اغْترَّ بالشَّيْء ركن إِلَيْهِ ووثق بِهِ وَالسّلم الصُّلْح وَهُوَ ضد الْحَرْب وَيكسر وَيفتح وَيذكر وَيُؤَنث وَقَرَأَ الحرميان وَعلي بن حَمْزَة ادخُلُوا فِي السّلم كَافَّة بِالْفَتْح الْمَعْنى يَقُول لست مِمَّن يغره مَا رأى من محبتك للصلح وَإِن لَا تحضر الْقِتَال فَأَقُول إِنَّمَا ذَلِك من الْجُبْن وَإِنَّمَا أَقُول ذَلِك لِأَنَّك لَا ترى لَك قرنا فتنازله وَقد بَينه فِيمَا بعده بقوله
32 - الْإِعْرَاب الْإِشَارَة بقوله ذَاك إِلَى الْقِتَال وَنصب ذليلا على الْحَال الْغَرِيب كَفاهُ أغناه وَمنعه كَمَا تَقول كفيت مَكَان فلَان أَي أغنيت عَنهُ وكفيته شَرّ فلَان منعته والشانئ الْمُبْغض قَالَ الله تَعَالَى {إِن شانئك هُوَ الأبتر} والأشكال جمع شكل وَهُوَ النظير والمثل الْمَعْنى يَقُول ذَاك الْقِتَال أَغْنَاك عَنهُ ومنعك مِنْهُ أَن شانئك وَهُوَ الْعَدو ذل فَلم تحتج إِلَى قِتَاله لِأَنَّهُ أذعن بطاعتك وَلَيْسَ لَك نَظِير يسْتَحق أَن تنازله فِي حَرْب فقد أَغْنَاك عَن الْحَرْب قله نظرائك لِأَن الْإِنْسَان إِنَّمَا يحارب من يدانيه فِي الْعِزّ والشجاعة
33 - الْإِعْرَاب عطف اغتفار على قَوْله قلَّة الأشكال وَالْكِنَايَة فِي هامهم ترجع إِلَى الْأَعْدَاء المرادة بقوله عَيْش شانيك الْغَرِيب الاغتفار افتعال من الغفران غفر لَهُ واغتفر الْمَعْنى يَقُول كَفاك الْقِتَال عفوك وتجاوزك وَلَو غَيْرك السخط دست رُؤُوس الْأَعْدَاء بحوافر خيلك حَتَّى تصير نعالا لنعالها وَقَالَ أَبُو الْفَتْح لَو أحفظكوك وحملوك على ترك الاغتفار لأهلكتهم وَأحسن فِي كنايته عَن الحفيظة بقوله لَو غير السخط وَمثله
(وَلَوْ ضَرَّ خَلْقا قَبْلَهُ مَا يَسُرُّهُ ... لَأَثَّرَ فِيهِ بأْسُهُ والتَّكَرُّمُ) كنى عَن الضَّرَر بأثر فِيهِ وَهَذَا لفظ عذب تقبله النُّفُوس

الصفحة 199