كتاب شرح ديوان المتنبي للعكبري (اسم الجزء: 3)

الْغَرِيب يُقَال رجال ملول وَامْرَأَة حُلُول وَدخُول الْهَاء للْمُبَالَغَة الْمَعْنى يَقُول هِيَ تمل كل شَيْء دَامَ لَهَا إِلَّا مللها الدَّائِم فَأَنَّهَا لَا تمله فَلَو مِلَّته لتركته وعادت إِلَى الْوَصْل فَأَنَّهَا تمل الْأَشْيَاء كلهَا إِلَّا مللها
3 - الْغَرِيب انفتلت تثنت وتمايلت والثمل السَّكْرَان ثمل الرجل ثملا إِذا أَخذ مِنْهُ الشَّرَاب فَهُوَ ثمل وَهُوَ من الثميلة وَهِي الْبَاقِيَة من المَاء فِي الصَّحرَاء والغدير والثمل بِالتَّحْرِيكِ مَا بَقِي فِي أَسْفَل الْإِنَاء من طَعَام أَو شراب الْمَعْنى يَقُول إِذا قَامَت تمايل فِي مشيها كتمايل النشوان فَكَأَن قوامها نظرا إِلَى طرفها فَسَكِرَ كَمَا يسكر طرفها محبيها
4 - الْغَرِيب الوجل الْخَائِف وَالْعجز يذكر وَيُؤَنث وَالْعجز أَسْفَل كل شَيْء الْمَعْنى قَالَ الواحدي إِن عجزها ثقيل فَهُوَ يجذبها إِذا هَمت بالنهوض هَذَا معنى يجذبها تَحت خصرها وَقَوله كَأَنَّهُ من فراقها وَجل أَخطَأ فِي تَفْسِيره ابْن جنى وَابْن دوست قَالَ ابْن جنى كَأَن عجزها وَجل من فراقها فَهُوَ متساقط قد ذهبت منته وتماسكه هَذَا كَلَامه وَلم يعرف وَجه تَشْبِيه الْعَجز بالوجل ففسر بِهَذَا التَّفْسِير وَإِنَّمَا يصير الْعَجز بِالصّفةِ بِالصّفةِ الَّتِي وصف عِنْد الْمَوْت وَمَا دَامَت الْحَيَاة بَاقِيَة لَا يصير ذَاهِب الْمِنَّة وَقَالَ ابْن دوست عجزها يجذبها إِلَى الْقعُود لِأَنَّهُ خَائِف من فراقها وَأَيْنَ رأى ذَلِك وَلكنه أَرَادَ وصف عجزها بِكَثْرَة اللَّحْم فشبهه فِي ارتعاده واضطرابه بخائف من فراقها والخائف يُوصف بالارتعاد وَكَذَلِكَ الْعَجز إِذا كثر لَحْمه كَقَوْلِه
(إِذا ماسَتْ رأيْتَ لَهَا ارِتْجاجا ... )
فهما متشابهان من هَذَا الْوَجْه وَتَقْدِيره كَأَنَّهُ إِنْسَان وَجل من فراقها فَلذَلِك ارتعد وَفِي قَول ابْن جنى وَابْن دوست الوجل الْعَجز
5 - الْمَعْنى يُرِيد ترشف فمها وَهُوَ المص فَيَقُول لي نَار شوق إِلَى ترشفها ينْفَصل صبري عني إِذا اتَّصَلت بِي يُرِيد أَن صبره يُفَارِقهُ إِذا اتَّصل بِهِ ذَلِك الشوق وطابق بَين الِانْفِصَال والاتصال

الصفحة 210