كتاب شرح ديوان المتنبي للعكبري (اسم الجزء: 3)

المدبرات وَهُوَ كَوْكَب نحس وَالْقَمَر سعد الْمَعْنى يَقُول أَنْت سعد لِأَن الْقَمَر سعد وَلَكِنَّك إِذا اشْتَدَّ الْحَرْب كنت على أعدائك زحل لِأَنَّك هَلَاك لَهُم فَأَنت بدر وَهُوَ الْقَمَر وَالْقَمَر سعد وزحل نحس فَلهَذَا قَالَ أَنْت نقيض اسْمه والمنجمون يَزْعمُونَ أَن الْقَمَر سعد وزحل نحس وَهُوَ لَا ينْصَرف كعمر وَزفر وَالْمعْنَى يُوصف بِالنورِ فيهتدي بِهِ فِي الْأَسْفَار وَأَنت فِي الْحَرْب نقيض اسْمك تقتل النَّاس وتشير الْغُبَار بِالْخَيْلِ فتظلم الأَرْض ففعلك فِي الْحَرْب نقيض فعلك فِي السّلم وزحل يُوصف بابطء السّير فَأَنت فِي الْحَرْب كزحل لَا يسْرع السّير وَفِي غَيرهَا كَالْقَمَرِ وَقيل رَحل ملك الْمَوْت لِأَنَّهُ كَوْكَب كثير الهلكة
33 - الْغَرِيب الكتيبة الْجَمَاعَة من الْخَيل وَالنَّفْل الْغَنِيمَة والعطل الَّتِي لَا حلى عَلَيْهَا الْمَعْنى يَقُول كل جمَاعَة لست أميرها فَهِيَ غنيمَة لمن وجدهَا وكل بَلْدَة لست زينتها فَهِيَ عاطل
34 - الْغَرِيب الركاب الْإِبِل الَّتِي يسَار عَلَيْهَا الْوَاحِدَة رَاحِلَة وَلَا وَاحِد لَهَا من لَفظهَا وَالْجمع الركب مثل الْكتب والسبل جمع السَّبِيل وَهِي الطّرق قَالَ الله تَعَالَى {وَلَا تتبعوا السبل فَتفرق بكم عَن سَبيله} الْمَعْنى يَقُول قصدك النَّاس من مَشَارِق الأَرْض وَمَغَارِبهَا طَمَعا فِي عطائك وحرصا على لقائك حَتَّى أَن الْإِبِل اشتكت لِكَثْرَة مَا امتطيت إِلَيْك والطرق بِكَثْرَة مَا وطِئت وَذَلِكَ بالجفاف والحوافر والأقدام قَالَ الواحدي قَالَ ابْن دوست لِأَنَّهَا ضَاقَتْ بِكَثْرَة القاصدين والسالكين وَلَيْسَ بِشَيْء وَقَالَ أَبُو الْفَتْح أما شكوى الركاب فكثير وَأما شكوى الطّرق فأظنه لم يسْبق إِلَيْهِ فاشتكاء الْمطِي كَقَوْل أبي الْعَتَاهِيَة
(إنَّ المَطايا تَشْتَكيكَ لِأَنَّهَا ... قَطَعَتْ إلَيْكَ سَبابا وَرِمالاً)
وكقول البحتري
(تَشَكَى الوَجَى واللَّيْلُ مُلْتَبِسُ الدُّجَى ... )
وَقَوله وشرقها وَمَغْرِبهَا يُرِيد الأَرْض وَلم يجر لَهَا ذكر وَذَلِكَ للْعلم بِهِ وَهُوَ كثير فِي الْقُرْآن وَالشعر

الصفحة 217