كتاب شرح ديوان المتنبي للعكبري (اسم الجزء: 3)

الْمَعْنى يَقُول إِن كَانَ النَّفْع وَهُوَ الفصد وروى قوم الْبضْع وَهُوَ جيد ظَاهر الْمَعْنى يَقُول إِن كَانَ الفصد ضرّ بَاطِنهَا فَهِيَ يَد كَرِيمَة متعودة التَّقْبِيل فَرُبمَا كَثْرَة التَّقْبِيل تضر ظهرهَا وَلم يذكر أحد أَن التَّقْبِيل يضر الْيَد إِلَّا هُوَ وَقَالَ أَبُو الْفَتْح هَذَا من مبالغاته وَقد أَكثر النَّاس من ذكر تقبيلها قَالَ ابْن الرُّومِي
(فامْدُدْ إلىَّ يّداً تَعَوَّدَ بَطْنُها ... بَذْلَ النَّوَالِ وظَهْرُها التَّقْبِيلا)
وَقَالَ إِبْرَاهِيم بن الْعَبَّاس للفضل بن سهل
(لَفَضْلِ بْنِ سَهْلٍ يَدٌ ... تَقاصَرَ عَنْها المَثَلْ)

(فَباطُنها للِنَّدَى ... وَظاهرُها لِلْقُبَلْ)
وَقَالَ أَبُو الضياء الْحِمصِي
(وَما خُلِقَتْ كَفَّاكَ إِلَّا لأرْبَعٍ ... وَما فِي عبادِ اللهِ مِثْلُكَ ثانِ)

(لِتَجْرِيدِ هِنْدِيّ وَإسْداءِ نائلٍ ... وَتَقْبِيلِ أفْوَاهِ وأخْذِ عِنانِ)
وَقد أحسن الْقَائِل بقوله
(يَدٌ نَرَاها أبَداً ... فَوْقَ يَدٍ وَتْحتَ فَمْ)

(مَا خُلقَتْ بَناُنها ... إلاَّ لسَيْفٍ أوْ قَلَمْ)
قَالَ أَبُو الْفَتْح مَا علمت أَن أحدا جعل الْقبل تضر إِلَّا المتنبي فِي الْمُبَالغَة قَالَ ابْن المعتر
(وَيْحَ الطَّبيبِ الَّذي بالجَهلِ مسَّ يَدَكْ ... مَا كانَ أجْهَلَهُ فِيمَا بِهِ اعْتَمَدَكْ)

(لَوْ أنَّ ألحاظَهُ كانَتْ مَباضِعَهُ ... ثُمَّ انْتَحاكَ بِها مِنْ رِقةٍ فَصَدَكْ)
واللحظ دون الْقبل وأبلغ من هَذَا كُله
(ومَرَّ بِفكْرِي خاطراً فَجَرَحْتُ ... وَلْم أرَ شَيْئاً قَط يَجْرَحُهُ الفِكْرُ)

39 - الْغَرِيب الفصاد والفصد سَوَاء والشق التَّأْثِير والعذل والعذل لُغَتَانِ كالسقم والسقم الْمَعْنى يَقُول ينفذ فِي عروقها فَلهَذَا عداهُ بفي واستعار لجوده عرقا لما ذكر عرق الفصاد ليعطي الشّعْر حَقه وَالْمعْنَى ينفذ فِيهَا الفصد وَلَا ينفذ فِيهَا كَلَام العذال وَقد نظر فِيهِ إِلَى قَول حبيب بن أَوْس الطَّائِي
(خَلائِق كُالزَّغْفِ المُضاعَفِ لَمْ يكُنْ ... لِيَنْفُذَها يَوْما شَباةُ اللَّوَاثمِ)

الصفحة 219