كتاب شرح ديوان المتنبي للعكبري (اسم الجزء: 3)
- الْغَرِيب الضفر فتل الشّعْر والغدائر الذوائب وَقَالَ الْخَطِيب الضلال أَرَادَ أَن يغبن فِي الشّعْر من قَوْله تَعَالَى {أئذا ضللنا فِي الأَرْض} أَي غبنا الْمَعْنى يَقُول مَا ضفرن الشُّعُور إِلَّا وخفن ضلالهن فِيهَا لَو أرسلنها وَقد زَاد فِي هَذَا على امْرِئ الْقَيْس
(تَضِلُ العِقاصُ فِي مُثَنَّى وَمُرْسَل ... )
لِأَنَّهُ جَعلهنَّ يضللن قَالَ أَبُو الْفَتْح قد وصفت الشُّعَرَاء الشّعْر بِالْكَثْرَةِ وَلَكِن لم نفرط فِي ذَلِك مثل هَذَا قَالَ ابْن المعتز
(دَعَتْ خَلاخيلها ذَوَائِبهَا ... فَجِئْنَ مِنْ قَرْنِها إِلَى القَدَمِ)
8 - الْإِعْرَاب من فِي مَوضِع رفع لِأَنَّهُ ابْتِدَاء تقدم خَبره وَيجوز أَن يكون فِي مَوضِع نصب بِتَقْدِير أفدى بجسمي من برته الْغَرِيب يُقَال إشاح ووشاح وَالْجمع وشح وأوشحة كحمار وأحمرة الْمَعْنى يَقُول أفدى بجسمي من هزلته حَتَّى لَو جعلت قلادتي فِي ثقب لؤلؤة لجالت يصف شدَّة نحوله ودقته وَهَذَا من قَول الآخر
(قَدْ كانَ لي فِيما مَضَى خاتَمٌ ... والآنَ لَوْ شَئْتُ تَمَنْطَقْتُهُ)
9 - الْغَرِيب تَقول الْعَرَب ظننتني وخلتني وعلمتني وَلم يرو عَنْهُم ضربتني لِأَن الْفِعْل لما كَانَ يتَعَدَّى إِلَى مفعولين اتسعوا فِي أَحدهمَا لقُوَّة تعديته وعدمتني جَاءَت شَاذَّة قَالَ جران الْعود
(لقدْ كانَ لي فِي ضَرَّتَيِنِ عَدِمْتُنِي ... وَما أَنا لاقٍ مِنْهُما مُتَزَحْزَحُ)
الْإِعْرَاب قَالَ الواحدي قَوْله مني مُتَعَلق بقوله خيالا كَقَوْلِك جَاءَنِي خيال من المحبوب وَالْيَاء فِي أظنني كِنَايَة عَن جِسْمه وَفِي منى كِنَايَة عَن نَفسه فَكَأَنَّهُ قَالَ أَظن جسمي خيالا من نَفسِي وَيجوز أَن الْيَاء كِنَايَة عَنْهُمَا الْمَعْنى يَقُول لَوْلَا أنني يقظان لَكُنْت أَظن نَفسِي خيالا يَعْنِي أَنه كالخيال فِي الدقة إِلَّا أَن الخيال لَا يرى فِي الْيَقَظَة وَقَوله منى أَي من دقتي وَيبعد أَن يُقَال من نَفسِي لِأَنَّهُ قَالَ أظنني وَمَعْنَاهُ أَظن نَفسِي وَلَا يُقَال أَظن نَفسِي من نَفسِي خيالا
الصفحة 223