كتاب شرح ديوان المتنبي للعكبري (اسم الجزء: 3)
فِي الْجَاهِلِيَّة تنْسب إِلَيْهِ كرام الْإِبِل كَمَا تنْسب إِلَى الجديل وشذقهم والجلال الْجَلِيل كطوال وطويل وَالْأُنْثَى جلالة وَقيل الْجلَال الضخم الْمَعْنى يَقُول تعودت الارتحال فَجعلت ظهر هَذَا الْبَعِير بِمَنْزِلَة الأَرْض لَا أفارقه فأرضي ظهر بَعِيري لِأَنِّي أبدا على ظَهره كالأرض للمقيم الَّذِي لَا يفارقها
15 - الْغَرِيب حاولت طلبت أزمعت على أَمر فَأَنا مزمع عَلَيْهِ إِذا ثَبت على عزمك وَقَالَ الْكسَائي يُقَال أزمعت الْأَمر وَلَا يُقَال أزمعت عَلَيْهِ قَالَ الْأَعْشَى
(أأزْمَعْتَ مِنْ آلِ لَيْلى ابْتكارا ... وَشَطَّتْ عَلى ذِي هَوًى أنْ تُزَارا)
وَقَالَ الْفراء أزمعته وأزمعت عَلَيْهِ بِمَعْنى كأجمعته وأجمعت عَلَيْهِ الْمَعْنى قَالَ الواحدي قَالَ ابْن جنى إِذا كَانَ ظَهره كالوطن لي فَأَنا وَإِن جبت الْبِلَاد كالقاطن فِي دَاره هَذَا قَوْله وَيجوز أَن يكون الْمَعْنى مَا طلبت الْإِقَامَة فِي أَرض لِأَنِّي أبدأ على السّفر وَلَا عزمت على الزَّوَال عَنْهَا وَلست أقيم حَتَّى أزول وَيدل على صِحَة هَذَا الْمَعْنى قَوْله فِيمَا بعده
16 - الْمَعْنى يَقُول أسيره على قلق ويروي قلق بِكَسْر اللَّام صفة لبعير كَأَنَّهُ ريح تحتي لسرعة مروره أوجهها مرّة إِلَى جَانب الْجنُوب وَمرَّة إِلَى جَانب الشمَال فَعبر بالريحين عَن الْجَانِبَيْنِ ويروى يَمِينا أَو شمالا يُرِيد تَارَة إِلَى صوب الْيَمين وَتارَة إِلَى صوب الشمَال عَن يَمِين الْقبْلَة وشمالها
17 - الْغَرِيب الْغرَّة الْوَجْه وَأول كل شَيْء غرته وَأَرَادَ أول الشَّهْر وَيُسمى الْهلَال هلالا إِلَى ثَلَاث لَيَال الْإِعْرَاب الْبَدْر يرْوى بِغَيْر لَام التَّعْرِيف لِأَنَّهُ علم وَمن روى بلام التَّعْرِيف أَرَادَ بدر السَّمَاء لَا الِاسْم الْعلم يَعْنِي إِلَى الرجل الَّذِي هُوَ كالبدر ثمَّ نسبه إِلَى أَبِيه لِأَنَّهُ لم يكن بَدْرًا فِي الْحَقِيقَة وَترك التَّنْوِين من عمار ضَرُورَة لسكونه وَسُكُون اللَّام الْمَعْنى يَقُول أَسِير وأقطع الْبِلَاد يَمِينا وَشمَالًا إِلَى هَذَا الرجل الَّذِي هُوَ كالبدر وَلَيْسَ هُوَ فِي الْحَقِيقَة بَدْرًا لِأَن الْبَدْر يلْحقهُ المحاق حَتَّى يصير هلالا وَهَذَا الْبَدْر لم يزل كَامِلا وَلَا بدر إِلَّا وَهُوَ هِلَال وَهَذَا لم يكن قطّ هلالا وَقد فسر هَذَا بقوله الْبَيْت بعده
الصفحة 225