كتاب شرح ديوان المتنبي للعكبري (اسم الجزء: 3)
- الْغَرِيب السخاء الْكَرم والجود سخا يسخو وسخى يسخى وَمِنْه قَول عَمْرو بن كُلْثُوم
(مُشَعْشَعَةً كَأنَّ الحُصَّ فَيها ... إِذا مَا المَاءُ خالطَها سخِينا)
على بعض الْأَقْوَال من سخا يسخي وَقَالَ قوم هُوَ من السخونة ونصبه على الْحَال الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح تعلم الزَّمَان من سخائه فسخا بِهِ وَأخرجه من الْعَدَم إِلَى الْوُجُود وَلَوْلَا سخاءوه الَّذِي استفاده مِنْهُ لبخل بِهِ على أهل الدُّنْيَا واستبقاه لنَفسِهِ قَالَ فَإِن قيل السخاء لَا يكون إِلَّا فِي مَوْجُود وَهَذَا مَعْدُوم فَالْجَوَاب أَن الزَّمَان كَأَنَّهُ علم مَا يكون فِيهِ من السخاء إِذا وجد فَكَأَنَّهُ اسْتَفَادَ مِنْهُ مَا تصور كَونه فِيهِ بعد وجوده وَلَوْلَا مَا تصَوره من السخاء لبقي أبدا بَخِيلًا وَالشَّيْء إِذا تحقق كَونه لَا محَالة أجري عَلَيْهِ فِي حَالَة عَدمه كثير من الْأَوْصَاف الَّتِي يَسْتَحِقهَا بعد وجوده قَالَ ابْن فورجة هَذَا تَأْوِيل فَاسد وغرض بعيد والسخاء بِغَيْر الْمَوْجُود لَا يُوصف بالعدوى وَإِنَّمَا الْمَعْنى سخا بِهِ على وَكَانَ بَخِيلًا بِهِ على فَلَمَّا أعداه سخاؤه أسعدني الزَّمَان يضمي إِلَيْهِ وهداني تحوه وَهَذَا الْمَعْنى كثير قَالَ الطَّائِي
(هَيْهاتَ أنْ يَسْخُو البزمانُ بِمِثْلهِ ... إنَّ الزمانَ بِمِثْلِهِ لَبَخِيلُ)
ولحبيب أَيْضا
(عَلَّمَنِي جُودُكَ السَّماحَ فَما ... أبْقَيْتُ شَيْئا لَدَىَّ مِنْ صِلَتَكْ وَلابْن الْخياط
(لَمْستُ بِكَفَّي كَفَّهُ أبْتَغِى الغِنَى ... وَلْم أدْرِ أَن الجُوَدَ مِنْ كَفِّه يُعدى)
(فَلا أَنا مِنْهُ مَا أفادَ ذَوُو الغِنَى ... أفَدْتُ وَأعْدَاني فَأتْلَفْتُ مَا عنْدي)
14 - الْإِعْرَاب جعل اسْم كَأَن نكرَة وخبرها معرفَة وَقد جَاءَ فِي بَاب إِن فِي قَول الفرزدق
(وَإن حَراما أنْ أسُبَّ مُقاعِسا ... بِآبائي الشُّمِّ الكِرامِ الخَضارِمِ)
وَنصب مسلولا على الْحَال الْغَرِيب الغمامة السحابة وهندية سَيْفه الْمَصْنُوع من حَدِيد الْهِنْد الْمَعْنى يَقُول كَأَن برقا سَيْفه وَهُوَ من المعكوس لِأَن السَّيْف يشبه بالبرق وَهَذَا شبه الْبَرْق بِالسَّيْفِ فَقَالَ كَأَن برقا فِي ظُهُور الْغَمَام سَيْفه إِذا سَله فِي يَده
الصفحة 236