كتاب شرح ديوان المتنبي للعكبري (اسم الجزء: 3)

الْمَعْنى يَقُول وَقعت على أهل هَذَا النَّهر بلية وَهُوَ الْأسد نضدت وَقعت بَعْضهَا على بعض فَهَذِهِ البلية وَهُوَ الْأسد هام أَي رُؤُوس الرفاق تلالا والبلية هُوَ الْأسد فَلهَذَا أسْند الْفِعْل إِلَيْهِ
19 - الْغَرِيب الْورْد ذُو اللَّوْن الَّذِي يضْرب إِلَى الْحمرَة فَكَأَن لون الْأسد هَذَا يضْرب إِلَى الْحمرَة والبحيرة بحيرة طبرية والفرات نهر الشَّام الَّذِي يجْرِي إِلَيّ الْعرَاق والنيل نيل مصر الْمَعْنى يَقُول هَذَا الْأسد من شدته وَعظم زئيره إِذا ورد الْبحيرَة شاربا ورد أَي وصل صَوته إِلَى الْفُرَات وَإِلَى النّيل وجانس بَين ورد وَورد
20 - الْغَرِيب الغيل الأجمة وَهِي شجر ملتف بعضه على بعض وَقَوله لبدتيه يُرِيد الشّعْر الَّذِي على كَتفيهِ لعظم كثافته عَلَيْهِمَا الْمَعْنى يَقُول لِكَثْرَة مَا افترس من الفوارس قد تلطخ بدمائهم ولكثرة مَا على كَتفيهِ من الشّعْر كَأَنَّهُ فِي غيله فِي غيل من لبدتيه
21 - الْإِعْرَاب حلولا حَال من الْفَرِيق وَالْحَال من الْمُضَاف إِلَيْهِ قَلِيل ضَعِيف وَإِن كَانَ قد جَاءَ فِي شعر الْعَرَب الْقَدِيم كَقَوْل تأبط شرا
(سَلَبْتَ سِلاحِي يَابسا وشَتَمَتْنِي ... فَيا خَيْرَ مَسْلُوبٍ وَيا شَرَّ سالِبٍ)
وكقول النَّابِغَة الْجَعْدِي يصف فرسا
(كَأنَّ حَوَامِيَهُ مُدْبِراً ... خُضِبْنَ وَإنْ كانْ لمْ يُخْضَبِ)
وَقَالَ أَبُو عَليّ فِي الْمسَائِل الشيرازيات أنْشد أَبُو زيد
(عَوْدٌ وَنْهسَة حاسِدُون عَليهم ... حِلَقُ الحَدِيدِ مُضاعَفا يَتلَهَّبُ)
قَالَ وَيجوز أَن يَجْعَل يتلهب فِي مَوضِع الْحَال ومضاعفا حَال من الْمُضمر فِي ويتلهب يتلهب حَال من الْحلق فَكَأَنَّهُ قَالَ عَلَيْهِم حلق الْحَدِيد يتلهب مضاعفا الْغَرِيب الْفَرِيق الْجَمَاعَة وَهُوَ أَكثر من الْفرْقَة وحلولا حَالين بِهِ أَي نازلين الْمَعْنى يَقُول عين هَذَا الْأسد لحمرتها إِذا رَأَيْتهَا فِي اللَّيْل ظننتها نَارا أَو قدت بِجَمَاعَة نزلُوا موضعا وَيُقَال عين الْأسد وَعين السنور وَعين الْحَيَّة تتراءى فِي ظلمَة اللَّيْل بارقة كَأَنَّهَا نَار

الصفحة 238