كتاب شرح ديوان المتنبي للعكبري (اسم الجزء: 3)
- الْغَرِيب الأولى الأحق والعاقل يُرِيد بِهِ الْفُؤَاد ويروي يبكي على مَا لم يسم فَاعله وروى أَبُو الْفَتْح ببكى على الْمصدر وَبهَا قَرَأت على شَيْخي الْمَعْنى يَقُول منازلك الَّتِي فِي الْفُؤَاد يعلمن بحالك وحالهن فهن أواهل بذكرك وَأَنت مقفرة من ذكر أهلك وَلست تذكرين منازلك الَّتِي فِي الْفُؤَاد فأولاكما بالبكاء عَلَيْهِ الْعَاقِل يَعْنِي منَازِل الْقلب يُرِيد أَن قلبِي أولى بالبكاء لِأَنَّك جماد لَا تعلمين مَا حل بك من فرقة أهلك وَقَالَ أَبُو الْفَتْح منَازِل الْحزن بقلبي تعلم مَا يمر بهَا من ألم الْهوى وَأَنت لَا تعلمين ذَاك
3 - الْغَرِيب اجتلب افتعل من الجلب وجلبت الشَّيْء أجلبه جلبا وجلبا وجلبت واجتلت بِمَعْنى وَأَصله فِيمَا يجلب للْبيع من بلد إِلَى بلد وَهُوَ فِي الْبَيْت بِمَعْنى سقته إِلَى نَفسِي والمنية من أَسمَاء الْمَوْت الْمَعْنى يَقُول طرفِي جلب موتِي بِالنّظرِ فَمن أطلب بدمي وَأَنا قتلت نَفسِي وَهُوَ مَنْقُول من قَول قيس بن ذريح
(وَما كُنْتُ أخْشى أنْ تَكوُنَ منِيَّتي ... بكفى إِلَّا أَن من حَان حائن)
وَقد أحسن دعبل بن على الْخُزَاعِيّ بقوله
(لَا تعجبني يَا سلم من رجل ... ضَحِكَ المَشِيبُ بِرَأْسِهِ فَبَكى)
(لَا تأخذُا بظلامَتِي أحَداً ... قَلْبِي وَطَرْفي فِي دَمِي اشْتركا)
4 - الْإِعْرَاب الضَّمِير فِي الظّرْف عَائِدًا إِلَى قَوْله الَّذِي اجتلب وَهُوَ صلته يُرَاد بِهِ الشَّاعِر المجتلب الْغَرِيب الظباء جمع ظَبْيَة فِي الْكَثْرَة وَيجمع ظَبْي على فعول وظبيات والتابعة الَّتِي تتبع أمهَا فِي المرعى فَكَأَنَّهُ أَرَادَ الصَّغِيرَة من الظباء والخاذل الْمُتَأَخر وَمِنْه ظَبْيَة خاذل وخذول إِذا تَأَخَّرت عَن المرعى الْمَعْنى يَقُول تَخْلُو دِيَارهمْ من حسانها وتفارقها وخيال من أهواه لَا يفارقني وَقَالَ الواحدي تَخْلُو الديار من الحسان وَعِنْدِي من كل تَابِعَة أَي صَغِيرَة مِنْهُنَّ خيال يأتيني فَكَأَنَّهُ تَأَخّر عَنْهُن وَقَالَ تَابِعَة لِأَنَّهُ أَرَادَ صغر سنّهَا
الصفحة 250