كتاب شرح ديوان المتنبي للعكبري (اسم الجزء: 3)

وَقَالَ الْخَطِيب هِيَ حَال من الضَّمِير فِي بِنَاء يُرِيد بِهِ وبالمحبوبة الْغَرِيب الشكلة أَرَادَ الشكلة الَّتِي تكون فِي الْإِعْرَاب وَهِي الفتحة وَهِي من قَوْلهم شكلت الدَّابَّة أَي ضبطتها والشكلة تضبط الْحُرُوف وَضم الشاكل الْكَاتِب يُرِيد بِالضَّمِّ الْقرب وَلم يرد الضَّم الَّذِي فِي الْإِعْرَاب الْمُسَمّى رفعا الْمَعْنى يَقُول وقفنا دون التعانق قرب بَعْضنَا من بعض وَلم نتعانق فكأننا لقربنا شكلتان دقيقتان جمع الْكَاتِب بَينهمَا وَهُوَ تَشْبِيه حسن شبه تقاربهما بتقرب الشكلتين ونحولهما بنحول الشكلة ووصفها بالنحول مثله لَان بهَا مَا بِهِ من الوجد وَمثل هَذَا فِي قرب التعانق لِأَنِّي إِسْحَاق الْفَارِسِي
(ضَممَنهْا ضَمَّةً عُدنا بهَا جَسَدَاً ... فلَوْ رَأتْنا عُيونٌ مَا خَشِيناها)
وَمثله الآخر
(إنّي رَأيْتُكَ فِي نَوْمي تعانِقُنِي ... كَمَا تُعانِقُ لامُ الكاتِبِ الألِفا)

12 - الْمَعْنى يَقُول تمتّع بِالنعْمَةِ واللذة مَا دَامَ لَك الشَّبَاب فَكل مَا كَانَ لَهُ أول لَا بُد لَهُ من آخر فَإِنَّهُ يفنى حَتَّى يَأْتِي آخِره وَهَذَا مَنْقُول من كَلَام الْحَكِيم كل مَا كَانَ لَهُ أول تَدْعُو الضَّرُورَة إِلَى أَن لَهُ آخرا
13 - الْغَرِيب الأرب الْحَاجة وَكَذَلِكَ الإربة وروق الشَّبَاب وريقه أَوله الْمَعْنى يَقُول مَا دَامَ للحسان فِيك حَاجَة وَطلب يَعْنِي مَا دمت شَابًّا أنعم ولذ فَإِنَّهُ ظلّ زائل عَنْك
14 - الْغَرِيب آونة جمع أَوَان وَمِنْه بَيت الْكتاب
(أَبُو حَنَشٍ يُؤَرّقُنِي وَطلْقٌ ... وَعمَّارٌ وَآوِنَةً أُثالا)
وَذكر هَذَا الْبَيْت سِيبَوَيْهٍ على ترخيم أثالة فِي غير النداء ضَرُورَة على قَول من قَالَ يَا حَار وَقبل جمع قبْلَة الْمَعْنى يَقُول للهو واللعب أَو أَن يمر سَرِيعا كزويد الحبيب الراحل من عنْدك قبلا فَهِيَ لذيذة وَلكنهَا وشيكة الذّهاب كَذَلِك سَاعَات اللَّهْو وَأَيَّام السرُور قصار

الصفحة 253