كتاب شرح ديوان المتنبي للعكبري (اسم الجزء: 3)
- 1 الْمَعْنى يُرِيد أَنكُمْ موتى بجهلكم قبل مفارقتكم الدُّنْيَا وَإِن كُنْتُم أَحيَاء وَلَا قدر لكم وَلَا زنة فلخفة أحلامكم وَقلة قدركم وعددكم يجركم النَّمْل وَالسَّفِيه الْخَفِيف الْعقل يُوصف بخفة الْوَزْن كَمَا أَن الْحَلِيم الرزين يُوصف بثقل الْوَزْن بالجبال وَشبههَا
2 - الْإِعْرَاب نصب وليد وليداً لِأَنَّهُ نِدَاء مُضَاف الْغَرِيب تَصْغِير ولد وَهُوَ هَاهُنَا بِمَعْنى الْجَمَاعَة وَالْولد يَقع على الْوَاحِد وَالْجَمَاعَة الذُّكُور وَالْإِنَاث قَالَ الله تَعَالَى {فَإِن لم يكن لَهُ ولد وَورثه أَبَوَاهُ} الْآيَة وَلِهَذَا اخْتلف الْقُرَّاء فِي قَوْله تَعَالَى فِي سُورَة مَرْيَم {مَالا وَولدا للرحمن ان يتَّخذ ولدا} 6 وَفِي الزخرف {ولدا} فقرأهن حَمْزَة وَالْكسَائِيّ بِضَم الْوَاو على الْجمع وقرا الْبَاقُونَ بِفَتْح الْوَاو وَالْمعْنَى وَاحِد وَاخْتلفُوا فِي سُورَة نوح فِي قَوْله تَعَالَى {مَاله وَولده} فَقَرَأَ بِضَم الْوَاو ابْن كثير وَأَبُو عَمْرو وَحَمْزَة وَالْكسَائِيّ وَالْبَاقُونَ بِفَتْح الْوَاو وَالْولد جمع ولد كأسد وَأسد ووثن ووثن الْمَعْنى يَقُول يَا وليد أبي الطّيب الْكَلْب وَهُوَ صفة لَهُ كَيفَ فطنتم إِلَى دَعْوَى وَهُوَ الإدعاء فِي النّسَب إِلَى نسب لَسْتُم من ذَلِك النّسَب وَأَنْتُم لَا عقل لكم تفطنون بِهِ فَكيف فطنتم إِلَى الادعاء
3 - الْإِعْرَاب رفع أصلا لِأَنَّهُ جعل لَا بِمَعْنى لَيْسَ كبيت الْكتاب قَول سعد بن مَالك
(مَنْ صَدَّ عَنْ نِيرانِها ... فَأنا ابنُ قَيسِ لَا بَراحُ)
الْغَرِيب المنجنيق يذكر وَيُؤَنث وتفتح قيمها وتكسر وَهِي معربة وَأَصلهَا بِالْفَارِسِيَّةِ من جينيك أَي مَا اجودني قَالَ زفر بن الْحَارِث
(لَقَدْ تَركَتَنْي مَنْجَنَيقُ ابنُ بَحْدلِ ... أحِيدُ مِنْ العُصْفُورِ حِينَ يَطِيرُ)
قَالَ الْفراء من النَّاس من يقدرها مفعليل لقَولهم كُنَّا نجتق مرّة ونرشق أُخْرَى وَالْجمع منجنيقات وَقَالَ سِيبَوَيْهٍ هِيَ فنعليل الْمِيم من نفس الْكَلِمَة لقَولهم فِي الْجمع مجانيق وَفِي التصغير منجنيق وَلِأَنَّهَا لَو كَانَت زَائِدَة وَالنُّون زَائِدَة لاجتمعت زائدتان فِي أول الِاسْم وَهَذَا لَا يكون فِي الْأَسْمَاء وَلَا الصِّفَات الَّتِي لَيست على الْأَفْعَال المزيدة وَلَو جعلت النُّون من نفس الْكَلِمَة صَار الِاسْم رباعيا والزيادات لَا تلْحق بَيِّنَات لأربعة أَولا إِلَّا الْأَسْمَاء الْجَارِيَة على أفعالها نَحْو مدحرج الْمَعْنى لَو ضربتكم منجنيقي يُرِيد هجاءه أَي لَو ضربتكم بهجائي وأصلكم قوي لكسرتكم وأهلكتكم فَكيف تَكُونُونَ وَلَا أصل لكم مَعْرُوف
4 - الْمَعْنى يَقُول لَو أَنكُمْ تعقلون وتفهمون لما كُنْتُم تنتسبون إِلَى من يعرف أَنه لَا نسل لَهُ وَلَا عقب فقد ظَهرت دعواكم بِهَذَا الانتساب وَإِنَّكُمْ كَذبْتُمْ فِيمَا ادعيتم وَهُوَ يهجو قوما يَزْعمُونَ انهم شرفاء
الصفحة 262