كتاب شرح ديوان المتنبي للعكبري (اسم الجزء: 3)

أُميَّة بن أبي الصَّلْت
(فَلا لَغْوٌ وِلا تأْثِيمَ فِيها ... وَمَا فاهُوا بِهِ أبَداً مُقِيمُ)
وَقَرَأَ أَبُو رَجَاء العطاردي بِنصب الْأَوَّلين وَرفع الثَّالِث وَهُوَ كبيت أبي الطّيب وَمثله
(هَذَا وجَدّكُمُ الصِّغارُ بِعيْنيهِ ... لَا أُمَّ لي إنْ كَانَ ذَاك وَلا أبُ)
وَهَذَا مَحْمُول على الْموضع لِأَن مَوضِع الأول رفع بِالِابْتِدَاءِ وَيكون لَا بِمَعْنى مَا فكأنك قلت مَا رجل وَلَا غُلَام فِي الدَّار الْمَعْنى يَقُول مُخَاطبا لنَفسِهِ لَيْسَ عنْدك من الْخَيل وَالْمَال مَا تهديه إِلَى الممدوح تجازيه بِهِ على إحسانه إِلَيْك فَإِذا لم يكن عنْدك هَذَا فليسعدك النُّطْق يُرِيد فامدحه وجازه بالثناء عَلَيْهِ إِن لم يعنك الْحَال على مجازاته بِالْمَالِ وَهَذَا معنى قَول يزِيد بن الْمُهلب
(إنْ يُعْجزِ الدَّهْرُ كَفِّى عَن جزَائكمُ ... فإنَّني بالثَّنا وَالشُكْرِ مُجْتَهِدُ)
وكقول الحطيئة
(فَإِن لمْ يكُنْ مالٌ يُثابُ فَإنَّهُ ... سَيأْتِي ثَنائِي زَيْداً بنَ مُهَلهْلِ)
وَهَذَا من الأبتداء الَّذِي بكرهه السَّامع بِأَن يَقُول للممدوح لَا خيل عنْدك تهديها وَلَا مَال وَهُوَ أول مَا يَقُول لَهُ
2 - الْغَرِيب النعمى إِذا كَانَت على فعلى قصرت وَإِذا كَانَت على فعلاء مدت وَهِي الْيَد والصنيعة وَمَا انْعمْ الله بِهِ عَلَيْك الْمَعْنى أجزه بالثناء والمدح وَالشُّكْر وَذَلِكَ أَن إنعامه يَأْتِيك فجاءة من غير أَن تقدم سؤالا وانتظارا وَغَيره من النَّاس اقْتصر على قَول دون فعل كَقَوْل الحبيب
(الجُودُ عِنْدَهُمُ قَول بِلا عَمل ... )
وكقول المهلبي
(وَكَمْ لَكَ نائِلاً لَمْ أحْتَسِبهُ ... كَمَا يُلْقى مُفاجأةً حَبِيبُ)

3 - الْغَرِيب جزاه بِمَا صنع جَزَاء وجازيته أَيْضا وجازيته فجزيته أَي غلبته وجزى عني هَذَا أَي قضى وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {لَا تجزي نفس عَن نفس شَيْئا} وَفِي حَدِيث أبي بردة بن نيار تجزي عَنْك وَلَا تجزى عَن غَيْرك فِي الْأُضْحِية أَي تقضى وَبَنُو تَمِيم يَقُولُونَ أَجْزَأت عَنْك بِالْهَمْز وتجازيت ديني على فلَان أَي تقاضيته

الصفحة 277