كتاب شرح ديوان المتنبي للعكبري (اسم الجزء: 3)
(وَصِرنْا نَرَى أنَّ المُتارِكَ مُحْسِنٌ ... وَأنَّ خَلِيلا لَا يَضُرُّ وَصولُ)
واصله من قَول الْحَكِيم من لم يقدر على فعل الْفَضَائِل فَلْيَكُن فضائله ترك الرذائل
46 - الْغَرِيب قَالَ ابْن القطاع صحف الروَاة هَذَا الْبَيْت فَرَوَوْه فَاتَهُ بِالْفَاءِ وَالصَّوَاب بِالْقَافِ وَعَلِيهِ قسر الواحدي فَقَالَ إِذا ذكر الْإِنْسَان بعد مَوته كَانَ ذَلِك حَيَاة ثَانِيَة لَهُ وَمَا يحْتَاج إِلَيْهِ فِي دُنْيَاهُ قدر الْقُوت وَمَا فضل من الْقُوت فَهُوَ شغل كَقَوْل سَالم بن وابصة
(غِنَىِ النَّفس مَا يكْفِيكَ مِنْ سَدّ خَلةٍ ... فإنْ زَاد شَيئا عادَ ذاكَ الغِنَيِ فَقراً)
وَقَالَ أَبُو الْفَتْح يَنْبَغِي أَن يلْحق بالأمثال لِأَنَّهُ قد أوجز فِيهِ وَجمع وَمثله مَا يحْكى عَن بعض ولد عمر بن عبد الْعَزِيز رَضِي الله عَنهُ أَنه رُؤِيَ يَسْتَقِي مَاء فَقيل لَهُ بعد الْخلَافَة فَقَالَ إِنَّمَا فَقدنَا الفضول انْتهى كَلَامه الْمَعْنى يُشِير إِلَى مَا خلده فاتك من الْفضل وَأبقى لَهُ من جميل الذّكر وَأَن التَّوْفِيق فِي ذَلِك موصل بِرَأْيهِ وَالصَّوَاب مَقْصُور على فعله يَقُول ذكر الْفَتى جميل مساعيه وَمَا يخلده من كرمه ومعاليه عمره الثَّانِي لعمره وخلقه من الدُّنْيَا المبقى لذكره وَحَاجته فِيمَا عدا هَذَا قوت يبلغهُ وكفاف من الْعَيْش يستره وَمن طلب من الدُّنْيَا غير ذَلِك فَإِنَّهُ يتَعَلَّق بِفُضُول شغله وأباطيل تموله وَالْمَطْلُوب من الدُّنْيَا العفاف والكفاف وَهَذَا مَأْخُوذ من كَلَام الْحَكِيم تخليد الذّكر فِي الْكتب عمر لَا بيد وَهُوَ كل يَوْم جَدِيد
الصفحة 288