كتاب شرح ديوان المتنبي للعكبري (اسم الجزء: 3)
وَقَالُوا قد ذكره سِيبَوَيْهٍ فِي المصادر قَالَ هُوَ مثل الْعرْفَان والحرمان والإتيان والوجدان تَقول لَقيته لقية ولقيا ولقيانا وَلَقي ولقاء وَهِي ضَعِيفَة ولقيانة الْغَرِيب الشهد الْعَسَل والنحل جمع نحلة وَهِي زنابير الْعَسَل الْمَعْنى يَقُول للعاذلة تريدين إِن املك الْمَعَالِي رخيصة وَمن جتني الشَّهِيد قاسي لسع النَّحْل وَلَا يبلغ حلاوة الْعَسَل إِلَّا بمقاساة اللسع وَهُوَ من قَول العتابي
(وإنَّ جَسِيماتِ الأمُورِ مَثوبَةٌ ... بِمُسْتْوْدعاتٍ فِي بُطُنِ الأسَاوِدِ)
10 - الْغَرِيب تجلى تكشف والإجلاء الْكَشْف وَرُوِيَ وَالْخَيْل تدعى يُرِيد وَأَصْحَاب الْخَيل وَهُوَ الفرسان يدعونَ بالانتساب على طَرِيق الْفَخر وَطلب الاشتهار الْمَعْنى يَقُول للعاذلة تحذرين علينا الْمَوْت وَالْحَرب تستعر والفرسان فِي غمراتها تفتخر وَلم تعلمي مَا تجلى عَنهُ من الظُّهُور وَالْغَلَبَة وَمَا تعقب من الْكَرَامَة والرفعة وَلم تعلمي أَن الدائرة علينا أَو عَلَيْهِم وَهَذَا يُشِير إِلَى الْوَقْعَة الَّتِي شَهِدَهَا فِي الْكُوفَة مَعَ الْخَارِجِي قبل وُرُود هَذَا الممدوح إِلَيْهَا
11 - الْإِعْرَاب جعل الاسمين اسْما وَاحِدًا فَفتح الرَّاء وَصرف الِاسْم ضَرُورَة الْغَرِيب دلير ولشكروز اسمان من أَسمَاء الديلم وهما الشجاع بِالْعَرَبِيَّةِ والغبين المغبون وَهُوَ فعيل بِمَعْنى مفعول كَمَا تَقول قَتِيل بِمَعْنى مقتول وشريت الشَّيْء إِذا بِعته وشريته ابتعته وَهَاهُنَا أَرَادَ الابتياع الْمَعْنى يَقُول إِذا حصلت لنَفْسي إكرام هَذَا الممدوح بمهجتي لم أغبن وَكنت رابحا وَالْمعْنَى لَو ابتعت الْمنية مغتبطا بهَا ولقيتها غير كَارِه لَهَا جَزَاء لما أولاني هَذَا الممدوح من كرامته لما غبنت فِي ذَلِك وَكنت اربح النَّاس بِهَذَا
12 - الْغَرِيب الأنابيب جمع أنبوب وَهُوَ مَا بَين كعوب الْقَنَاة وحلا واحلو لي واستحليته واحلوليته بِمَعْنى وَأمر الشَّيْء يمر إمرارا الْمَعْنى يُرِيد أَن الْحَرْب شَدِيدَة المرارة وَهَذَا أَشَارَ إِلَى الْوَقْعَة الَّتِي جرت بِالْكُوفَةِ وَلم يشهدها الممدوح وَكَانَت سَبَب قدومه إِلَى الْكُوفَة وَالْمعْنَى يَقُول تمر الرِّيَاح الَّتِي تخطر بَيْننَا ثمَّ نذْكر إقبال الممدوح وَمَا يَدْعُو ذَلِك إِلَيْهِ عِنْد قدومه فيحلو لنا الْقِتَال فنقدم على الْأَعْدَاء وَقد عَابَ قومه عَلَيْهِ فتحلولي مَعَ قَوْله تجلى وَقَالُوا كَيفَ جمع بَينهمَا فِي القافية وَلَا صِحَة للواو وَلَيْسَ الْأَمر كَذَلِك لِأَن الْوَاو وَالْيَاء إِذا سكتنا وَانْفَتح مَا قبلهمَا
الصفحة 291