كتاب شرح ديوان المتنبي للعكبري (اسم الجزء: 3)
جرتا مجْرى الصَّحِيح مثل القَوْل والمين وَكَذَلِكَ إِذا انفتحا وَسكن مَا قبلهمَا مثل أسود وابيض وَهَذَا مثل قَول الكسعي
(يَا رَبّ وَفَّقْنِي لِنَحْتِ قَوْسِي ... فإنَّها مِنْ أرَبِي لِنَفْسي)
(وانْفَعْ بَقَوْسِي وَلَدِي وعرْسي ... )
وَقَالَ البحتري
(إنْ سَيْرَ الخَليطِ لَما اسْتَقَلاَّ ... )
ثمَّ قَالَ فِي هَذِه القصيدة
(ذاكَ فَضْلٌ أُوتِيتَهُ كُنْتَ مِنْ بيْنِ ... الْبَرَايا بِهِ أحَقَّ وأوْلَي)
وَقَالَ ابْن جنى هَذَا عيب وَقد جَاءَ فِي الشّعْر الْقَدِيم قَالَ الشَّاعِر
(إذَا كُنْتَ فِي حاجةَ مُرْسِلاً ... فأرْسلْ حَكِيما وَلا تُوصِهِ)
(وإنْ نابَ أمْرٌ عَليكَ التَوىَ ... فَشاوِرْ لَبيبا وَلا تَعْصيهِ)
13 - الْمَعْنى يَقُول لَو كنت أَدْرِي دراية تَيَقّن أَن مَا باشرته فِي الْحَرْب سَبَب إِلَى قربه وَمُوجب للنَّظَر إِلَى وَجهه لزاد سروري بوفور حظي من الْقَتْل الَّذِي كنت أحذره واقتحامي على الْهَلَاك الَّذِي كنت أتوقعه
14 - الْإِعْرَاب كاشف نصب على النداء الْمُضَاف وَقَالَ أَبُو الْفَتْح يحْتَمل أَن يكون حَالا الْغَرِيب العراقان الْكُوفَة وَالْبَصْرَة وَقيل الْعرَاق الأول الْكُوفَة وَالْبَصْرَة وَمَا بَينهمَا إِلَى حلوان وَمن حلوان إِلَى الرّيّ الْعرَاق الثَّانِي وَالْمحل الجدب الْمَعْنى يَقُول فَلَا عدم الْعرَاق فتْنَة كَانَت سَببا لقدومك إِلَيْهَا فَأَنت كاشف الْخَوْف عَنْهَا بهيبتك وبركة سياستك وصارف الْمحل عَنْهَا بكرمك وجود راحتك
15 - الْغَرِيب النبو التَّأَخُّر عَن النَّفاذ والنصول السيوف الْمَعْنى يَقُول أَقَمْنَا فِي الْوَقْعَة الَّتِي قدمت على أَثَرهَا إِذا نبت السيوف بِأَيْدِينَا عِنْد المجالدة وَعَلَيْهَا كَثْرَة جنن أَعْدَائِنَا المتظاهرة نجرد فيهم من ذكراك مَا هُوَ أنفذ من السيوف الصارمة وَأَشد عَلَيْهِم من النصول الْمَاضِيَة وَالْمعْنَى إِذا لم تنفذ سُيُوفنَا على أسلحة أَعْدَائِنَا ذكرناك فنفذت عَلَيْهِم بهيبتك
الصفحة 292