كتاب شرح ديوان المتنبي للعكبري (اسم الجزء: 3)

- الْغَرِيب تروق تعجب وتحسن وحاد مَال وَرجع الْمَعْنى يَقُول هُوَ عفيف عَن كل شَيْء وَعَن كل أُنْثَى فَلَو نزلت الشَّمْس لشوقها إِلَيْهِ لمَال عَنْهَا إِلَى الظل وَهَذَا من الْمُبَالغَة فِي الْعِفَّة وَأَنه أحسن من الشَّمْس لِأَنَّهُ جعل الشَّمْس تشتاقه فَلَو نزلت مشتاقة إِلَى غرته لمَال إِلَى الظل غير مسعد لَهَا
34 - الْمَعْنى يَقُول هُوَ شُجَاع كَأَن الْحَرْب عاشقة لَهُ فَهِيَ عِنْد زيارته لَهَا وَمَا يتسرع إِلَيْهِ من الْإِلْمَام بهَا تفديه من الْخَيل وَالرجل بِمَا يَطْلُبهُ وَتمكن لَهُ من الصنع افضل مَا يرغبه وَهَذَا من غَرِيبه الَّذِي لم يسْبق إِلَيْهِ
35 - الْغَرِيب تصدى تعطش والصدى الْعَطش والبذل الْعَطاء الْمَعْنى يَقُول هُوَ رَيَّان الْجَوَارِح بِمَا هُوَ عَلَيْهِ من صيانته مبرقع عَن الْمَحَارِم بِمَا تؤثره من توفير مروءته نَفسه لَا تعطش إِلَّا الْخمر ورأيه لَا يعدل بِهِ إِلَى الْبَاطِل وَاللَّهْو لكنه عطشان من الْكَرم فيداه لَا تروى مِنْهُ ورغبته لَهُ تتأكد فِيهِ ورأيه لَا ينْصَرف ويروي نداه بالنُّون أَي كرمه
36 - الْمَعْنى يَقُول تَمْلِيكه وتمكين الله لأَمره وتأييده على مَا يُوجب لَهُ تَعْظِيم قدره مَعَ مَا هُوَ عَلَيْهِ من إِيثَار الْإِحْسَان وَمَا يعْتَقد من مُوَاصلَة التطول والأنعام شَهِيد بوحدانية الله وعدله وَمَا جدد لِعِبَادِهِ من لطائفه وصنعه وَحَيْثُ ملك عَلَيْهِم من هُوَ عفيف محسن
37 - الْغَرِيب اللَّيْث الْأسد والشبل ولد الْأسد الْمَعْنى قَالَ الواحدي قَالَ ابْن جنى لَا تعْمل أَنْيَاب الْأسد مَا يعْمل سَيْفه فِي كَفه فَكَأَنَّهَا لَيست مَوْجُودَة وَلَيْسَ الْمَعْنى مَا ذكره وَإِنَّمَا الْمَعْنى مَا دَامَ قَائِم سَيْفه فِي كَفه لم يتسلط أَسد على فريسة لانه يصده بِسَيْفِهِ أَن يعدو على النَّاس وَالْمعْنَى مَا دَامَ يهز سَيْفه الْأسود ذليلة لَا تخَاف عاديتها وأنيابها كليلة لَا تتَوَقَّع مضرتها
38 - الْمَعْنى مَا دَامَ يقلب كَفه بالبذل فَلَا يحل لأحد دَعْوَى المكارم وَالْمعْنَى مَا دَامَ يقلب كَفه بِمَا يستعملها فِيهِ من الْكَرم ويمطره من سحائب النعم فَلَا أحد فِي حل من دَعْوَى المكارم وَلَا من الانتساب إِلَى مَا انْفَرد بِهِ من الْفَضَائِل لِأَنَّهُ المستولى على ذَلِك وَالْمُنْفَرد فِيهِ بجميل الذّكر
39 - الْغَرِيب الطَّهَارَة التبري من الدنس الْمَعْنى يَقُول هُوَ مستبصر فِي إِيثَار الْفضل مجبول على الْكَرم والبذل يكره الْبُخْل وينافره ويبغضه وَيُخَالِفهُ وَلَا يعد الدنس إِلَّا فِي الالتباس بِهِ وَلَا الطَّهَارَة إِلَّا فِي المجانبة لَهُ
40 - الْمَعْنى يُرِيد لَا قطع الله أصلا أَنْجَب لنا مثله وحرس النَّسْل الَّذِي نشر علينا فَضله فَإِنِّي رَأَيْت الْفُرُوع إِنَّمَا تطيب بِحَسب طيب أُصُولهَا وتكرم بِمِقْدَار كرم من إِلَيْهِ مصيرها

الصفحة 298