كتاب شرح ديوان المتنبي للعكبري (اسم الجزء: 3)

وَأخذ التهامي معنى قَول أبي الطّيب فِي قَوْله
(بَكَيْتُ فَحَنَّتْ نَاقَتي فأجاَبها ... صَهِيلُ جَوَادِي حينَ لاحَتْ دِيارُها)

2 - الْمَعْنى يَقُول لَا عتب عَلَيْك فِي ترك الْبكاء فَإِن الطلول لَيْسَ من عَادَتهَا الْبكاء فَهِيَ فاعلة لمثل هَذِه الفعلة فِي ترك المساعدة على الْبكاء يعذرهُ فِي ترك الْبكاء
3 - الْمَعْنى يَقُول لَو كنت تنطق لَقلت صَادِقا غير مكذب ومعذورا غير مؤنب إِن الَّذِي أشكوه وأظهره تَقول عِنْد الَّذِي تخفيه وتضمره وَأَن دَلَائِل مَا تطويه من الأسف بادية وَأَن شواهده وَإِن صمت منادية
4 - الْغَرِيب الشغف إحراق الْحزن للقلب الْمَعْنى يَقُول لَقلت الَّذِي بِي أَكثر من الَّذِي بك لأَنهم شغفوك حبا فأذهبوا قَلْبك وقتلوني بارتحالهم عني والقتيل لَا يقدر على الْبكاء قَالَ أَبُو الْفَتْح فَإِن قيل فَإِذا قدر على أَن يجِيبه فَهَلا بَكَى مَعَه قُلْنَا إِن كلفة الْبكاء أَشد من كلفة الْكَلَام وَلَيْسَ على أبي الطّيب فِي هَذَا دخل لِأَنَّهُ مَا قَالَ لَو قدر على الْكَلَام لقدر على الْبكاء
5 - الْإِعْرَاب إِن الَّذين يجوز أَن يكون من كَلَام الطلل مُتَّصِلا بالْكلَام المحكي عَنهُ وَلَا يمْتَنع أَن يكون من خطاب أبي الطّيب لَهُ فَيجوز ضم التَّاء وَفتحهَا من أَقمت الْغَرِيب الدول جمع دولة وَهِي مُدَّة مقَام الْأَحِبَّة فِي الطلل الْمَعْنى يَقُول للطلل إِن الَّذين رحلوا عَنْك وبعدوا بجماعتهم أيامهم للديار الَّتِي يحلونها والمنازل الَّتِي يتخيرونها دوَل سرُور مُسْتَقْبلَة وَأَيَّام جذل مستأنفة وَالَّذِي صرف عَنْك من ذَلِك يوحشك وَمَا منعته مِنْهُم لَا محَالة يؤلمك
6 - الْمَعْنى يَقُول الْحسن يرحل مَعَ الَّذين هاجنا الْحزن لرحيلهم وَينزل مَعَهم بِالْمَكَانِ الَّذِي ينزلونه فَلَا يفارقهم انقياد لأمرهم وَلَا يتَأَخَّر عَنْهُم كلفا بهم

الصفحة 300