كتاب شرح ديوان المتنبي للعكبري (اسم الجزء: 3)
- الْإِعْرَاب الظّرْف يتَعَلَّق بِمَا قبله يُرِيد أَن الْحسن فِي مقلتي رشأ يرحل برحيله الْغَرِيب الرشأ ولد الظبية الصَّغِير وَالْحلَل جمع حلَّة وَهِي الْقَوْم المجتمعون فِي بيُوت مجتمعة للنزول والبدوية الساكنة البدو والبداوة بِالْفَتْح وَالْكَسْر الْإِقَامَة فِي الْبَادِيَة وَهِي خلاف الْحَاضِرَة وَقَالَ ثَعْلَب لَا أعرف الْفَتْح إِلَّا عَن أبي زيد وَحده وَالنِّسْبَة إِلَيْهِ بداوي الْمَعْنى يُرِيد أَن الْحسن يرحل فِي مقلتين مستعارتين من ظَبْي صَغِير تدبرهما امْرَأَة سَاكِنة البدو وَقد فتنت بهما أهل الْحلَل الَّذين حلوا مَعهَا يُرِيد أَن الْجَمِيع الْحسن الَّذِي أرفع فِي وَصفه وَأَطْنَبَ فِيمَا اجتلب من ذكره فِي مقلتي ظَبْي تديرهما سَاحِرَة الطّرف ناعمة ظَاهِرَة الظّرْف تفتن من رَآهَا
8 - الْإِعْرَاب روايتنا فِي صدودها بِالنّصب والجر عَن شَيْخي فالنصب عطف على طول والجر عطف على هجرتهَا الْمَعْنى يَقُول إِن المطاعم وَهِي الْأَطْعِمَة تَشْكُو قلَّة رغبتها فِيهَا وَهُوَ حميد فِي النِّسَاء وَدَلِيل على الخفر يُرِيد أَنَّهَا قَليلَة الْأكل ثمَّ قَالَ إِن هجرت الطَّعَام فَإِن من عاداتها الهجر فَإِنَّهَا لَا تواصل أحدا وَمن الَّذِي تواصله مَعَ موضعهَا من الْجَلالَة والرفعة والمنعة
9 - الْإِعْرَاب الْجُمْلَة الابتدائية فِي مَوضِع الْحَال من تركته وَمَا أسأرت بِمَعْنى الَّذِي وَهُوَ مُبْتَدأ وَخَبره تركتهه كَقَوْلِك مَا ضربه زيد عَمْرو الْغَرِيب السؤر مَا أبقاه الشَّارِب لغيره وَالْجمع الإسار وَإِذا شربت فأسئر أَي أبق والنعت مِنْهُ سآر على غير قِيَاس وَقِيَاسه مسئر وَنَظِيره أجْبرهُ فَهُوَ جَبَّار قَالَ الأخطل
(وشارِبٍ مُربِحٍ بالكأسِ نادمَنِي ... لَا بالحصُورِ وَلَا فِيها بسَئَّارِ)
يُرِيد لَا يسئر كثيرا وَأدْخل الْبَاء فِي الْخَبَر لانه ذهب بِلَا مَذْهَب لَيْسَ لمضارعته لَهُ فِي النَّفْي والقعب قدح من خشب مقعر وحافر مقعب مشبه بِهِ وَالْجمع قعبة الْمَعْنى يَقُول الَّذِي أبقته فِي الْقدح من شرابها تركته مسكا وَعَسَلًا يُرِيد عذوبة رِيقهَا وَطيب نكهتها وان سؤرها كالمسك فِي أرجه وفوحه وَالْعَسَل فِي حلاوته وطيبه وَفِيه نظر إِلَى قَول جميل
(فَلَو تَفَت فِي البَحْرِ وَالبَحْرُ مالِحٌ ... لَعادَ أُجاجُ البَحْرِ مِن رِيقِها عَذْبا)
الصفحة 301