كتاب شرح ديوان المتنبي للعكبري (اسم الجزء: 3)
- الْمَعْنى يَقُول كَمَا يشكو العليل إِلَى الطّيب الَّذِي يضمن لَهُ أَن يشفيه من كل دَاء وَعلة حَتَّى لَا تعاود عِلّة يَعْنِي أَن الدُّنْيَا بِمَا كَانَ من الِاضْطِرَاب وَالْفساد فِيهَا كَأَنَّهَا شاكية إِلَى عضد الدولة وَهُوَ يقْصد تسكين الْفِتْنَة وَحسن السياسة كَأَنَّهُ ضَامِن أَن لَا يعاود الدُّنْيَا مَا تشتكيه وَهُوَ من قَول الأخيلية
(إذَا هَبطَ الحَجَّاجُ أرَضاً مَرِيضَة ... تَتَبَّعَ أقْصَى دائِها فَشَفاها)
20 - الْغَرِيب فَلَا كذبت دُعَاء اعْتِرَاض بَين الْفِعْل وَالْفَاعِل الْمَعْنى يَقُول قَالَت شجاعته أَقْدَام فَمَا لنَفسك أجل تخشاه كآجال النَّاس وَقَوله لَا كذبت قَالَ أَبُو الْفَتْح هُوَ دُعَاء لَهُ بِالْبَقَاءِ هَذَا كَلَامه وَالْمعْنَى قَالَت شجاعته فِيمَا مثلته لنَفسِهِ وانعقدت عَلَيْهِ حَقِيقَة أمره من الجراءة أَقْدَام فَلَا أكذبها الله فِيمَا ضمنته لَهُ من الْفَوْز وصدقها فِيمَا حسنته عِنْده من الْإِقْدَام أَي أقدم فالسلامة مَضْمُونَة لَك وَأَشْجَع فالغلبة مقرونة بك فأجلك مُؤخر لَا تحذره وَالْمَكْرُوه مَصْرُوف عَنْك فَلَا تتوقعه
21 - الْمَعْنى يَقُول هُوَ النِّهَايَة عِنْد ضرب الْمثل فِي الشجَاعَة إِذا ضرب الْمثل بإعلام الشجعان وهتف فِي الْحَرْب بأبطال الفرسان فَهُوَ شُجَاع الَّذِي لَا يعدل أحدبه والبطل الَّذِي لَا تخضع رِقَاب الْأَبْطَال إِلَّا لَهُ
22 - الْغَرِيب الْوُفُود جمع وَافد وهم الَّذين يفدون على الْمُلُوك للعطاء والشكل جمع شكال وَهُوَ مَا يَجْعَل فِي قَوَائِم الْفرس وَالْعقل جمع عقال وَهُوَ مَا يرْبط بِهِ يَد الْبَعِير الْمَعْنى يَقُول الْوُفُود الَّذين يفدون عَلَيْهِ لَيْسَ مَعَهم سلَاح لِأَنَّهُ لَا مطمع فِيهِ بِالسِّلَاحِ وَلَكِن ترد عَلَيْهِ زواره وَمَعَهُمْ الشكل للخيل وَالْعقل لِلْإِبِلِ فيظفرون ببغيتهم هَذَا كَلَام أبي الْفَتْح وَنَقله الواحدي وَالْمعْنَى أَنهم قد غنوا عَن تحمل السِّلَاح فِي الْبِلَاد لما شملها من الدعة وَمَا عَمها من السّكُون والأمنة وَأَنَّهُمْ لَا يحملون مَعَهم إِلَّا الشكل وَالْعقل متيقنين لما يختارون من هباته من الْخَيل وَالْإِبِل فَلَا يَحْتَاجُونَ إِلَى غير ذَلِك
23 - الْمَعْنى يَقُول إِن الْوُفُود القادمين إِلَيْهِ قد ظنونهم بِمَا شملهم من الْفضل وتتابع
الصفحة 304