كتاب شرح ديوان المتنبي للعكبري (اسم الجزء: 3)
بسلطانهم والمشاركة فِي أَمْوَالهم فأغنوا وشرفوا سائلهم وعلت أَحْوَالهم فِي الْملك وجلالة الْأَمر فأعلوا قدر المتصلين بهم وَرفعُوا منَازِل المؤملين لَهُم واتصلت بهم ولَايَة أُمُور النَّاس فشملوهم بِالْإِحْسَانِ والمعدلة ودبروا أُمُورهم فعمهم ذَلِك التَّدْبِير بِالْمَصْلَحَةِ فَمن خالفهم فَهُوَ ظَالِم وَمن ناصبهم فَهُوَ شَدِيد الاغترار بهم
45 - الْإِعْرَاب الظّرْف يتَعَلَّق بِمَحْذُوف دلّ عَلَيْهِ الْكَلَام أَي علت مَنَازِلهمْ فَوق السَّمَاء الْمَعْنى يَقُول هم قوم علو فَوق السَّمَاء وَفَوق مَا يطْلبُونَ من الْمَعَالِي فَإِذا أَرَادوا غَايَة لَا يصل إِلَيْهَا سواهُم نزلُوا إِلَيْهَا من مَرَاتِبهمْ إِذا كَانَت أشرف مَا يَلْتَمِسُونَ أَي هم وَرَاء كل غَايَة
46 - الْغَرِيب تعذر تكلّف الْعذر يُقَال تعذر وَاعْتذر وَعذر وَعذر وَمثلهَا ارتدف وردف وخصم واختصم وخصم واهتدى وَهدى وَهدى الْمَعْنى يَقُول كرمهم غلب غضبهم وكفهم عَن اسْتِعْمَال السيوف فالكاذب لكرمهم وحلمهم إِذا اعتذر إِلَيْهِم قبلوا عذره يُرِيد أَن سيوفهم حكمت عَلَيْهَا مكارمهم لشمُول عُقُولهمْ وَعُمُوم فَضلهمْ
47 - الْغَرِيب شهر السَّيْف إِذا جرده من غمده الْمَعْنى يَقُول إِذا انْقَادَ الْمُخَالف لَهُم بالْكلَام لَا يعجلون إِلَى الْحَرْب يصفهم بالحلم يُرِيد أَنهم لَا يقصدون الْمُخَالف بمساءة وضر مادام العذل يُؤثر فِيهِ وَلَا يبعد عَنهُ عفوهم إِذا استدعى عطفهم وفضلهم وَهَذَا مَأْخُوذ من قَول بعض الْمُلُوك إِذا كفاني الْكَلَام لم أرفع السَّوْط وَإِذا كفاني السَّوْط لم أشهر السَّيْف
48 - الْغَرِيب كمل فِيهِ ثَلَاث لُغَات فتح الْعين وَضمّهَا وَكسرهَا وَالْكَسْر أقلهَا وَيُقَال تَكَامل وَأَبُو عَليّ هُوَ الْحسن بن بويه ركن الدولة وَالِد عضد الدولة وَأَبُو شُجَاع هُوَ فَنًّا خسر عضد الدولة الْمَعْنى يَقُول أَبُو عَليّ هُوَ الَّذِي قهر الْمُلُوك وسادهم فَهُوَ الَّذِي ظفرهم بالمملكة وَتمّ لَهُم الْكَمَال بِابْنِهِ أبي شُجَاع فَبِأَي على قهروا أعداءهم بقوته وأذلوا من خالفهم برفعته واستظهروا على مطاولهم بجلالة قدره وبأبي شُجَاع كملت لَهُم مملكتهم واستنبات على من خالفهم قوتهم وبلغوا بِهِ أرادتهم
49 - الْغَرِيب الْغرَّة الطلعة وَالْوَجْه وَالصُّورَة وَمِنْه حَدِيث الْجَنِين قضى فِيهِ رَسُول الله
بغرة عبد أَو أمة وروى نَغمَة يُرِيد بَرَكَات نَغمَة أبي شُجَاع وَهُوَ الصَّوْت الْمَعْنى يَقُول حَلَفت لركن الدولة بَرَكَات غرَّة ابْنه عضد الدولة وَهُوَ مُسْتَقر فِي مهده فِي النِّهَايَة من صغر سنه بِمَا ظهر من شَوَاهِد الْبركَة والنجابة ومحايل الإقبال والسعادة أَنه لَا يفوت الْوَالِد وَولده وَمن لَاذَ بهما من أهل وَأَصْحَاب مَا يؤماون وَلَا يعجزهم مَا يحاولون وَالْمعْنَى أَن أَبَاهُ لما ولد ابْنه علم أَن الآمال انْحَازَتْ عَلَيْهِم وحصلت لَهُم فَكَأَن وَجهه وَهُوَ فِي المهد كفل لَهُم إِدْرَاك جَمِيع الآمال وَأَن لَا يعجزهم عَن بُلُوغهَا حَال
الصفحة 310