كتاب شرح ديوان المتنبي للعكبري (اسم الجزء: 3)

الْمَعْنى يَقُول لَو كَانَ الَّذِي طلبوه مصالحة لما احتاجوا إِلَى التشفع بفرسان الثغور لِأَن الصُّلْح أَن ترغب فِيهِ أَنْت أَيْضا وَلَكِن طلبُوا مِنْك أَن تُؤخر الْحَرْب عَنْهُم أَيَّامًا فَكَانَ ذَلِك ذلالهم يُرِيد أَن فرسَان طرسوس بعثوهم إِلَيْهِ ليشفعوا لَهُم فِي المهادنة فشفعهم فَيَقُول لَو كَانَ صلحا لما تشفعوا إِلَيْك بفرسان طرسوس الَّذين شفعتهم فيهم وَجعلت لَهُم الْمِنَّة عَلَيْهِم وَلكنه مِنْهُم خضوع وذلة وَعجز وهلكة
17 - الْمَعْنى بلغتهم مَا كَانُوا لَا يظنون أَنه يَقع فأخرت عَنْهُم الْحَرْب بشفاعة الفرسان فَكَانَت لَهُم عَلَيْهِم منَّة إِذْ بلغوهم مَالا يكَاد أَن يطْلب وَلَا يبلغونه بِأَنْفسِهِم
18 - الْغَرِيب الْكَتَائِب جمع كَتِيبَة من الْخَيل والخضوع الذلة والخائم الناكص على عَقِبَيْهِ وخام عَنهُ يخيم خيومة أَي جبن الْمَعْنى يَقُول هَذِه كتائب قد جَاءُوا إِلَيْك وأقدموا على مقاربتك وقصدوك مستسلمين فشجعوا على مشاهدتك وَلَو لم يَكُونُوا كَذَلِك لجبنوا عَنْك ناكصين على أَعْقَابهم ولتباعدوا عَنْك هاربين
19 - الْغَرِيب الذري الظل تَقول هُوَ فِي ذراه أَي فِي ظله وكنفه وعام سبح فِي المَاء الْمَعْنى يَقُول إِنَّهُم تعودوا إحسانك قَدِيما إِذْ كَانُوا فِي ناحيتك وكنفك وحمايتك تحسن إِلَيْهِم حَتَّى غرقوا فِي برك وإحسانك
20 - الْغَرِيب الميمون ذُو الْيمن وَالْبركَة والغارة الْحَرْب وَالصَّلَاة الرَّحْمَة وَالسَّلَام الْبركَة تَقول صلى صَلَاة وتصلية قَالَ
(تَركْتُ القِدَاحِ وَعَزْفَ القِيانِ ... وَأدْمَنْتُ تَصْلِيَةً وَابْتِهالاَ)
الْمَعْنى يَقُول هم لمحبتك يصلونَ عَلَيْك ويسلمون وَإِن كنت تغير عَلَيْهِم تَعَجبا لحسن وَجهك الميمون على الْإِسْلَام وَأَهله الْمُبَارك على الْإِسْلَام وَالْإِيمَان وَحزبه
21 - الْمَعْنى يُرِيد أَن الْكِرَام كلهم يقتدون بأفعاله فَكل أنَاس لَهُم إِمَام يؤمونه وَأَنت إِمَام أهل المكرمات وسيدهم وقدوتهم ومعتمدهم

الصفحة 396