كتاب شرح ديوان المتنبي للعكبري (اسم الجزء: 4)

- 1 الْغَرِيب النّيل الْعَطاء والْحَدِيث من الشُّعَرَاء هم الَّذين خالطوا الْحَضَر وتربوا فِي الْبِلَاد كمسلم ومروان وَأبي نواس وبشار وَسلم الخاسر ودعبل وحبِيب والوليد وأقرانهم والقدماء كشعراء الْجَاهِلِيَّة مثل زِيَاد هَذَا وَزُهَيْر وولديه ولبيد وَعَمْرو بن كُلْثُوم وعنترة وطرفة وامرئ الْقَيْس وأقرانهم الْمَعْنى يَقُول رَأَيْتُك تكْثر للشعراء الْعَطاء للقدماء مِنْهُم والمحدثين فذكرك للقدماء هُوَ نيلهم مِنْك ثمَّ بَين ذَلِك بقوله الْبَيْت بعده
2 - الْغَرِيب الجسيم الْعَظِيم الْكَبِير وَقَوله بقى هِيَ لُغَة طَيء يُقَال بَقِي وَبقيت مَكَان بَقِي وَبقيت وَقَرَأَ الْحسن فِي إِحْدَى رواياته وذروا مَا بَقِي من الرِّبَا وطيء تَقول فِي المعتل كُله مثل هَذَا تَقول فِي بنيت بنت قَالَ البولاني
(تَسْتَوْقدُ النَّبْلَ بِالحَضِيض وتَصْطادُ ... نُفُوسا بُنَتْ عَلى الكَرَمِ)
وَأنْشد زيد الْخَيل:
(لَعَمْرك مَا أخشَْى التَّصَعْلُكَ مَا بَقي ... عَلى الأرْضِ قيْسِىٌّ يسُوقُ الأباعِرَا)
الْمَعْنى يَقُول تُعْطى الماضين شرفا عَظِيما بإنشادك شعرهم فَيكون شرفا لَهُم وتعطى البَاقِينَ عطاءه جزيلا لمن جَاءَ يقصدك
3 - الْمَعْنى يَقُول سَمِعتك تنشد بَيْتَيْنِ هما للنابغة واسْمه زِيَاد والبيتان هما
(وَلا عَيْبَ فِيهمْ غَيرَ أنَّ سُيُوفَهُمْ ... يبهِنَّ فُلُولٌ مِنْ قِرَاعِ الكَتائِبِ)

(تُخُيِّرْنَ مِنْ أزْمانِ يوْمِ حَلِيمَةٍ ... إِلَى اليَوْمِ قَدْ جُرّبنَ كُلَّ التَّجارِبِ)

4 - الْغَرِيب الْغِبْطَة أَن تتمنى مثل حَال المغبوط من غير أَن تُرِيدُ زَوَالهَا عَنهُ وَلَيْسَ يحْسد غبطته أغبطه غبطا وغبطة والرمة بِالْكَسْرِ الْعِظَام البالية وَالْجمع رمم ورمام رم الْعظم يرم بِالْكَسْرِ رمة أَي بلَى فَهُوَ رَمِيم وَقَوله أعظمه الرميم وصفهَا وَهِي جمع بالمفرد لِأَن فعيلا وفعولا يَسْتَوِي فيهمَا الْمُذكر والمؤنث والمفرد وَالْجمع مثل رَسُول وصديق وعدو قَالَ الله تَعَالَى {قَالَ من يحي الْعِظَام وَهِي رَمِيم} الْمَعْنى يَقُول لم أنكر مَوضِع زِيَاد من الشّعْر وَأَنه أهل أَن ينشد شعره وَلَكِنِّي غبطت أعظمه البالية فِي التُّرَاب حَيْثُ أنشدت شعره وَمثل هَذَا يَحْكِي عَن المعتز ملك مصر أَنه دخل عَلَيْهِ بعض شعرائه وَهُوَ ينشد قَول أبي الطّيب
(وَمَا الحُسْنُ فِي وَجْهِ الْفَتى شَرَفا لَهُ ... إذَا لمْ يَكُنْ فِي فِعْلِهِ والخَلائِق)
وَهُوَ يكرره اسْتِحْسَانًا فَقَالَ
(لَئِنْ جادَ شِعْرُ ابْنِ الحُسَينِ فَإنَّما ... بِقَدْرِ العَطايا واللُّها تَفْتَحُ اللَّها)

(تَنَبَّأ فِي نَظْمِ القَرِيضِ وَلَوْدَرَى ... بِّأنَكَ تَرْوِى شِعْرَهُ لَتَأَّلها)

الصفحة 5