كتاب ديوان الشيخ أحمد سحنون (اسم الجزء: 2)

عاد فصل الربيع يختال عجبا … ناشرا من بدائع الحسن ظلا
غير أن الربيع عاد غريبا … في وجود يشكو اكتئابا وثكلا
التآخي قد صار بغضا وحقدا … والتهادي قد صار بطشا وقتلا
وبلاد الإسلام ذل بها الإسلام … والعز في بنيها اضمحلا
والسجايا التي بها العرب سادوا … قد توارت وكل مجد تولى
لم يعد للربيع في النفس سحر … إنه لم يعد كما كان قبلا
الربيع الذي له النفس تهفو … حسنه من نفوسنا يتجلى
كيف تهفو نفوسنا لربيع … يجد الأخ عن أخيه تخلى؟
بل يرى الأمر جاوز الحد إذ فيه … الشقيق دم الشقيق استحلا

ربيع ولكن!!!
ربيع ولكن لم أشاهد محياه … ولم تكتحل عيني أخيرا بمرآه
أتى وأنا في البيت رهن إقامة … برغمي لأني قلت ما قاله الله
ومن كان مثلي لا يبارح بيته … فأي ربيع داخل البيت يلقاه
أنا الطائر المحبوس في القفص الذي … أعد لكي يبقى مدى الدهر سكناه
وما ذنبه إلا رخامة صوته … أيجزى بشر من يك الخير مأتاه؟
وذا مثل الداعي إلى الخير لا يرى … معينا عليه بل يحارب مسعاه
ولا سيما في عصرنا إذ طغت به … أنانية معشوقها المال والجاه
سأنظم شعرا فيك يخلد ذكره … وإن فات قلبي فيك ما يتمناه!
بدون ربيع يفقد الكون حسنه … فما الحسن إلا اسم وأنت مسماه

الصفحة 18