كتاب ديوان الشيخ أحمد سحنون (اسم الجزء: 2)

السعادة!
لكل إنسان أمل، وأمل كل إنسان أن يحيا سعيدا، وسعادة كل إنسان في حصوله على ما يعوزه ويحتاج إليه، وتطيب حياته من أجله.
فإن كان ضيق العيش، فارغ اليد، فسعادته في الحصول على مال يقيم أوده، ويسد عوزه، ويصون ماء وجهه، وإن كان سيء الصحة مختل المزاج، فسعادته في عودة صحته، واعتدال مزاجه، وإن كان جديب المنزل من ابتسام الطفولة ومرح الأطفال فسعادته في أن تشرق جنبات بيته بولي عهده، ووارث اسمه، وإن كان يعيش في بلد مستعبد فسعادته في أن يرى وطنه حرا، وأبناءه أعزة.
وإن كان رهن السجن أو المعتقل، فسعادته في إطلاق سراحه وعودته إلى بلاده واجتماع شمله بأهله وأبنائه، وإن كان ممن أصابه الحب بسهمه، فسعادته في قربه من حبيبه ينتشي برياه، وتكتحل عينه بمرآه، ويعب من رحيق الحب ما يطفئ غلته، ولكن قد تجتمع للإنسان كل هذه الألوان من السعادة وهو أظمأ ما يكون إلى السعادة، ذلك لأن السعادة شعاع لا ينبعث إلا من داخل النفس، وما هذه الألوان التي يطلبها الناس خارج النفس، ويرون فيها سعادتهم غير وسائل قد تتخلف عن الوصول بهم إلى السعادة أما السعادة الحقة التي يحس كل إنسان حلاوتها ولذاتها

الصفحة 397