كتاب دعاوي المناوئين لدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب

نجحت مساعيهم في ذلك، وتخلى ابن معمر عن الشيخ الإمام، فغادر العيينة متوجها إلى الدرعية كما هو معلوم.
لقد تعددت أوجه هذه المعارضة، وتنوعت سبل المناهضة والعداء، واستنفد الخصوم الكثير من الوسائل والطرق من أجل محاربة هذه الدعوة والقضاء عليها.
وما كتابة المؤلفات والرسائل ضد هذه الدعوة السلفية ومجددها إلا أسلوب من أساليب إعاقة هذه الدعوة والطعن فيها.
وحين نحاول الكشف عن أبعاد هذه المعارضة ومدى حجمها، فإننا نبين - بإيجاز - حال المعارضة في بلاد نجد أثناء ظهور دعوة الشيخ الإمام1 وما نتج عن تلك المعارضة المحلية من انتشار واتساع في مكائدها ومطاعنها إلى مختلف البلاد والأمصار.
يصور ابن غنام2 - المؤرخ الأول لهذه الدعوة - شدة المعارضة وصلابتها، فلما أورد ما فعله الشيخ ومعه ابن معمر في العيينة من هدم القباب وقطع الأشجار التي يتبرك بها، ذكر موقف المعارضين فقال رحمه الله:
(فأخذوا في رده والإنكار عليه وأتوا بأعظم الأسباب، وزجوا الخلق في لجة الضلال والارتياب، وضجوا على كلمة الحق بالتكذيب والإكذاب.
وأشر الناس والعلماء إنكارا عليه، وأعظم تشنيعا وسعيا بالشر إليه سليمان بن سحيم وأبوه محمد، فقد اهتم في ذلك وأنجد وجد في التحريش عليه والتحريض، وأرسل بذلك إلى الإحساء والحرمين والبصرة، فلم ينل من مراده سوى الخزي والعارة والحسرة، ولقد كاد وشنع وعادى وحشر علماء السوء ونادى وكذب عليه وبهت وزور، فقاموا معه فورا بالإنكار، وأفتوا للحكام والسلاطين بأن القائم بدعوة التوحيد خارجي.
__________
وصنفوا المصنفات في تبديعه وتضليله وتغييره للشرع النبوي وتبديله وتجهيله
1 كتب الأستاذ محمد النويصر رسالة ماجستير بعنوان المعارضة المحلية في نجد لدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، منذ ظهورها حتى سقوط الدرعية 1234 هـ (غير منشورة) ، كلية العلوم الاجتماعية، جامعة الإمام محمد بن سعود.
2 هو حسين بن أبي بكر ابن غنام، ولد في المبرز بالإحساء، وانتقل إلى الدرعية ودرّس بها، وله مؤلفان: "العقد الثمين"، و "تاريخ نجد"، وله قصائد شعرية في الدفاع عن الدعوة السلفية، توفي سنة 1225 هـ في الدرعية. انظر: "مشاهير علماء نجد" ص 185.

الصفحة 31