كتاب دعاوي المناوئين لدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب

رحمه الله قد كان حريصا على هداية أولئك الخصوم، فيبذل الأسباب والوسائل لتحقيق ما يؤدي إلى استقامتهم والتزامهم بمتابعة الحق المؤيد بالدليل، ويظهر اللين والتلطف معهم، كما هو واضح في رسالته لشيخه عبد الله بن محمد بن عبد اللطيف أحد علماء الإحساء، حيث يخاطبه فيقول:
(فإني أحبك وقد دعوت لك في صلاتي، وأتمنى من قبل هذه المكاتيب أن يهديك الله لدينه القيم، وما أحسنك لو تكون في آخر هذا الزمان فاروقا لدين الله) 1.
وهذا الشيخ المخاطَب قد ألف رسالة في الرد على الشيخ الإمام، سماها "سيف الجهاد لمدعي الاجتهاد"2. ويخاطب الشيخ عبد الوهاب بن عبد الله بن عيسى فيقول:
(فإن كان إني أدعو لك في سجودي، وأنت وأبوك أجل الناس إلي وأحبهم عندي ... ) 3.
ومع ذلك فقد عانى الشيخ الإمام من الشيخ عبد الوهاب وأبيه معاناة شديدة، وأصابه منهما هم وغم كما هو مذكور في بعض رسائله4.
ويصف الشيخ الإمام محمد بن فيروز5 - أثناء رسالته لأحمد بن إبراهيم مطوع مرات - فيقول رحمه الله:
(ولكن تعرف ابن فيروز أنه أقربهم إلى الإسلام، وهو رجل من الحنابلة وينتحل كلام الشيخ "ابن تيمية" وابن القيم خاصة ... ) 6.
ولكن هذا الخصم -محمد بن فيروز- قد بلغت محاربته ومناهضته لهذه الدعوة حدا لا يوصف، لذا مدحه أحد خصوم هذه الدعوة وهو الحداد7 حيث قال مادحا لابن فيروز:
__________
1 "الدرر السنية" 1/32.
2 انظر "مصباح الأنام" للحداد ص 3.
3 مجموعة مؤلفات الشيخ 5/280.
4 انظر مجموعة مؤلفات الشيخ 5/280، 314، 315.
5 هو محمد بن عبد الله بن فيروز، من أهل نجد أصلا، ولد في الإحساء سنة 1142 هـ، مهر في عدة فنون، وله كثير من الشيوخ والتلاميذ، توفي في البصرة سنة 1216 هـ. انظر: "السحب الوابلة" ص 721، "علماء نجد" 3/882.
6 مجموعة مؤلفات الشيخ 5/206.
7 هو علوي بن أحمد بن الحسن الحداد، من أهل حضرموت، له عدة مؤلفات، توفي سنة 1232 هـ. انظر: "الأعلام" 4/249.

الصفحة 36