كتاب الدر المصون في علوم الكتاب المكنون (اسم الجزء: 1)

وكذلك {وَمَا الله بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ} قُرِئَ في المشهورِ بالغَيْبَةِ والخطابِ، والكلامُ فيهما كما تقدَّم.
وتقدَّم نظائرُ {أولئك الذين اشتروا} . . وما بعدَه. إلا أنَّ بعضَ المُعْرِبين ذَكَر وجوهاً مردودةً لا بدَّ من التنبيهِ عليها، فأجاز أن يكونَ «أولئك» مبتدأ، و {الذين اشتروا} خبرَه، و {فَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ العذاب} خبراً ثانياً لأولئك، قال: «ودخَلَتِ الفاءُ في الخبر لأجلِ الموصولِ المُشْبِهِ للشرطِ وهذا خطأٌ، فإن قوله: {فَلاَ يُخَفَّفُ} لم يَجْعَلْهُ خبراً للموصول حتى تَدْخُلَ الفاءُ في خبره، وإنما جَعَلَه خبراً عن» أولئك «وأينَ هذا مِنْ ذاك؟ وأجاز أيضاً أن يكونَ» الذين «مبتدأ ثانياً، و {فَلاَ يُخَفَّفُ} خبرَهُ، دخَلْت لكونِه خبراً للموصولِ، والجملةُ خبراً عن» أولئك «قال:» ولم يُحْتَجْ هنا إلى عائدٍ لأنَّ «الذين» هم «أولئك» كما تقولُ: «هذا زيدٌ منطلقٌ» ، وهذا أيضاً خَطَأٌ لثلاثةِ أوجهٍ أحدُها: خُلُوُّ الجملةِ مِن رابطٍ/، قوله: «لأن الذين هم أولئك» لا يفيدُ لأنَّ الجملةَ المستغنِيَةَ لا بُدَّ وأنْ تكونَ نفسَ المبتدأ، وأمَّا تنظيرُه ب «هذا زيدٌ منطلقٌ» فليس بصحيحٍ، فإنَّ «هذا» مبتدأٌ، و «زيدٌ» خبرٌ، و «منطلقٌ» خبرٌ ثانٍ، ولا يجوزُ أن يكونَ «زيدٌ» مبتدأً ثانياً، و «منطلقٌ» خبرَه والجملةُ خبرٌ عن الأول للخلوِّ من الرابط. الثاني: أن الموصولَ هنا لقومٍ معيَّنين وليس عاماً، فلم يُشْبِه الشرط فلا تَدْخُلُ الفاءُ في خبره. الثالث: أن صلته ماضيةٌ لفظاً ومعنىً، فلم يُشْبِهْ فعلَ الشرطِ في الاستقبال فلا يجوزُ دخولُ الفاءِ في الخبرِ. فتعيَّن أن يكون «أولئك» مبتدأً والموصولُ بصلتِه خبرَه، و {فَلاَ يُخَفَّفُ} معطوفٌ على الصلةِ، ولا يَضُرُّ تخالُفُ الفِعْلَيْنِ في الزمانِ، فإنَّ الصلاتِ من

الصفحة 491