كتاب الدر المصون في علوم الكتاب المكنون (اسم الجزء: 3)

و {امرأة نُوحٍ} [التحريم: 10] و {امرأة لُوطٍ} [التحريم: 10] و {امرأة فِرْعَوْنَ} [القصص: 9] ، وأهلُ المدينة يقفون بالتاء اتِّباعاً لرسم المصحف، وهي لغةٌ للعرب يقولون في حمزة: حَمْزَتْ، وأنشدوا:
1241 - اللهُ نَجَّاكَ بكَفَّيْ مَسْلَمَتْ ... مِنْ بعدِما وبعدِما وبعدِمَتْ
وقوله: {مَا فِي بَطْنِي} أتى ب «ما» التي لغير العاقِل لأن ما فيه بطنِها مُبْهَمٌ أمرُهُ، والمبهمُ أمرهُ يجوز أن يُعَبَّر عنه ب «ما» ، ومثاله إذا رأيت شيخاً من بعيد لا تدري أأنسانٌ هو أم غيرُه: ما هذا؟ ولو عرفت أنه إنسان وجَهِلْتَ كونَه ذَكراً أم أنثى قلت: ما هو. أيضاً، والآيةُ من هذا القبيل هذا عند مَنْ يرى أن «ما» مخصوصةٌ بغير العاقل، وأمَّا مَنْ يرى وقوعَها على العقلاء فلا يتأوَّل شيئاً. وقيل: إنه لما كان ما في البطن لا تمييزَ له ولا عقلَ عَبَّر ب «ما» التي لغير العقلاء.
قوله تعالى: {فَلَمَّا وَضَعَتْهَا} : الضمير في «وضعَتْها» يعود على «ما» من حيث المعنى، لأن الذي في بطنها أنثى في علم الله تعالى، فعاد الضميرُ على معناها، دونَ لفظها. وقيل: إنما أنَّثه حَمْلاً على معنى النَّسَمَةِ أو الحَبْلة أو النفسِ، قاله الزمخشري وقال ابن عطية: «حَمْلاً على الموجودة [ورفعاً لِلَفْظِ» ما «في قوله: {ما في بطني] محرّراً} .

الصفحة 132