كتاب الدر المصون في علوم الكتاب المكنون (اسم الجزء: 3)

تتحمَّلُه، وتكونُ حالاً متداخلةً أي: إنها حالٌ من حال، وعلى هذه الأقوال كلِّها فهي حالٌ مؤكِّدةٌ، لأنه لا يكون إلا كذلك، فالانتقال غيرُ متصوَّرٍ فيه، وهو نظير قوله:
1158 - أنا ابنُ دارةَ معروفاً بها نسبي ... وهَلْ بدارَةَ يا لَلْناسِ مِنْ عارِ
قوله: {لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ} مفعولٌ لمصدِّقا، وزيدت اللامُ في المفعول تقويةً للعامل لأنه فرعٌ، إذ هو اسمُ فاعل كقوله تعالى: {فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ} [هود: 107] وإنما ادَّعْينا ذلك لأنَّ هذه المادةَ متعدِّية بنفسِها.
قوله: {التوراة والإنجيل} اختلفَ الناسُ في هاتين اللفظتين: هل يَدْخُلُهما الاشتقاق والتصريف أم لا يدخلانِهما لكونِهما؟ أعجميين؟ فذهب جماعةٌ كالزمخشري وغيرُه إلى الثاني. قالوا: لأنَّ هذين اللفظين اسمان عِبرانيَّان لهذينِ الكتابَيْنِ الشريفين. قال الزمخشري: «وتَكَلُّفُ اشتقاقِهِما من الوَرَىْ والنَّجْل، ووزنُهما بتَفْعِلة وإفْعِيل إنما يَثْبُتُ بعد كونهما عربيين» . [قال الشيخ: «وكلامُه صحيح، إلا أن فيه استدراكاً وهو قوله: تَفْعِلَة، ولم يذكُرْ مذهب البصريين] وهو أنَّ وزنَها فَوْعَلة، ولم ينبِّه على تَفْعِلَة: هل هي بكسر العين أو فتحها» قلت: لم يَحْتج إلى التنبيه لشهرتِهما، وإنما ذكر المستغربَ.
ويؤيدُ ما قاله الزمشخري من كونها أعجميةً ما نقله الواحدي،

الصفحة 16