كتاب الدر المصون في علوم الكتاب المكنون (اسم الجزء: 3)

بعد قَلْبِها ياءً فهو مثل «طَيّ» مصدر طَوَى يَطْوي. و «بألسنتِهم» و «في الدين» متعلقان بالمصدرين قبلهما. و {لَوْ أَنَّهُمْ قَالُواْ} تقدَّم الكلامُ على ذلك في البقرة بأشبعِ قول.
قوله: {لَكَانَ خَيْراً} فيه قولان، أظهرُهما: أنه بمعنى أفعل، ويكونُ المفضَّلُ عيه محذوفاً، أي: لو قالوا هذا الكلامَ لكان خيراً من ذلك الكلامِ. والثاني: أنه لا تفضيلَ فيه، بل يكون بمعنى جيد وفاضل، فلا حَذْفَ حينئذ، والباءُ في «بكفرِهم» للسببية.
قوله: {إِلاَّ قَلِيلاً} فيه ثلاثةُ أوجه: أحدُها: أنَّه منصوبٌ على الاستثناءِ من «لَعَنَهم» أي: لَعَنَهم الله إلا قليلاً منهم، فإنهم آمنوا فلم يَلْعَنْهم. والثاني: أنه مستثنى من الضميرِ في «فلا يؤمنون» والمرادُ بالقليلِ عبد الله بن سلام وأضرابه. ولم يستحسن مكي هذين الوجهين: أمَّا الأول قال: لأنَّ مَنْ كَفَر ملعون لا يستثنى منهم أحدٌ. وأمَّا الثاني: فلأنَّ الوجهَ الرفعُ على البدلِ؛ لأنَّ الكلامَ غير موجبٍ «. والثالث: أنه صفةٌ/ لمصدرٍ محذوفٍ أي: إلا إيماناً قليلاً، وتعليلُه هو أنهم آمنوا بالتوحيدِ وكفروا بمحمدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وشريعته.
وعَبَّر الزمخشري وابن عطية عن هذا التقليل بالعدمِ، يعني أنهم لا يؤمنون البتة، كقوله:

الصفحة 699