كتاب الدر المصون في علوم الكتاب المكنون (اسم الجزء: 3)

1592 - قليلٌ التشكِّي للمُهِمِّ يُصيبه ... . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
قال الشيخ: «وما ذكراه من أن التقليلَ يُراد به العَدَمُ صحيح، غير أنَّ هذا التركيبَ الاستثنائي يأباه، فإذا قلت:» لم أقم إلا قليلاً «فالمعنى: انتفاء القيام إلا القليلَ فيوجد منك، لا أنه دال على انتفاء القيامِ البتةَ بخلافَ» قَلَّما يقولُ ذلك أحدٌ إلا زيدٌ «و» قَلَّ رجلٌ يفعل ذلك «فإنه يَحْتمل القليل المقابل للتكثير، ويحتمل النفيَ المحض، أمَّا أنك تنفي ثم توجب، ثم تريد بالإِيجاب بعد النفي نفياً فلا، لأنه يلزم أَنْ تجيءَ» إلاَّ «وما بعدها لغواً من غيرِ فائدة، لأنَّ انتفاءَ القيام قد فُهِم من قولك:» لم أقم «فأيُّ فائدةٍ في استثناء مثبت يراد به انتفاءٌ مفهومٌ من الجملة السابقة؟ وأيضاً فإنه يؤدي إلى أن يكون ما بعدَ» إلا «موافقاً لِما قبلها في المعنى، والاستثناءُ يلزم أن يكون ما بعد» إلاَّ «مخالفاً لِما قبلها فيه» .
قوله تعالى: {مِّن قَبْلِ أَن نَّطْمِسَ} : متعلقٌ بالأمر في قوله: «آمنوا» ، و «نَطْمِس» يكون متعدياً، ومنه هذه الآية، ومثلُها: {فَإِذَا النجوم طُمِسَتْ} [المرسلات: 8] لبنائِه للمفعولِ من غيرِ حرفِ جرٍّ، ويكون لازماً يقال: «طمس المطرُ الأعلامَ» و «طَمَست الأعلامُ» ، قال كعب:
1593 - من كلِّ نَضَّاخةِ الذِّفْرى إذا عَرِقَتْ ... عُرْضَتُها طامِسُ الأعلامِ مجهولُ
وقرأ الجمهور: «نَطْمِس» بكسر الميم، وأبو رجاء بضمها، وهما لغتان

الصفحة 700