كتاب الدر المصون في علوم الكتاب المكنون (اسم الجزء: 4)
مذهبِ البصريين مِنْ غيرِ كَلَفَةٍ» يعني أنه خير من مذهب الكوفيين، حيث يُعْطَفُ على الضمير المجرور مِنْ غير إعادَةِ الجار.
قوله: {وَأَن تَقُومُواْ} فيه خمسةُ أوجه: الثلاثة المذكورة فيما قبله فيكون هو كذلك لعطفِه على ما قبلَه، والمتلوُّ عليهم في هذا المعنى قولُه: {وَلاَ تأكلوا أَمْوَالَهُمْ إلى أَمْوَالِكُمْ} [النساء: 2] ونحوه. والرابع: النصبُ بإضمار فعل. قال الزمخشري: «ويجوزُ أَنْ يكونَ منصوباً بإضمار» يأمركم «بمعنى: ويأمركم أن تقوموا، وهو خطابٌ للأئمة بأَنْ ينظروا إليهم ويستوفوا لهم حقوقهم ولا يَدَعوا أحداً يهتضم جانبهم» فهذا الوجه من النصبِ غيرُ الوجهِ الذي ذكرته فيما قبلُ والخامس: أنه مبتدأ وخبره محذوفٌ أي: وقيامُكم لليتامى بالقسطِ خيرُ لكم. وأولُ الأوجُهِ أوجَهُ.
قوله تعالى: {وَإِنِ امرأة} : «امرأةٌ» فاعلٌ بفعلٍ مضمرٍ واجبِ الإِضمار، وهذه من باب الاشتغال، ولا يجوزُ رفعُها بالابتداء لأنَّ أداةَ الشرطِ لا يليها إلا الفعلُ عند جمهور البصريين خلافاً للأخفش والكوفيين، والتقديرُ: «وإنْ خافت امرأة خافت» ونحوهُ: {وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ المشركين استجارك} [التوبة: 6] . واستدلَّ البصريون على مذهبهم بأن الفعل قد جاء مجزوماً بعد الاسم الواقع أداة الشرط في قول عدي:
166 - 1- ومتى واغِلٌ يَنُبْهُمْ يُحَيُّو ... هُ وتُعْطَفْ عليه كأسُ الساقي