كتاب الدر المصون في علوم الكتاب المكنون (اسم الجزء: 4)
جوابُ قسمٍ محذوفٍ تقديره: أقسم الله ليبطِّئَن، والجملتان - أعني القسمَ وجوابه - صلةٌ ل» مَنْ «أو صفةٌ هلا على حَسَبِ القولين المتقدمين، والعائدُ على كلا التقديرين هو الضمير المرفوعُ ب» ليبطِّئن «والتقديرُ: وإنَّ منكم للذي - أو لفريقاً» واللَّهِ ليبطِّئن.
واستدلَّ بعضُ النحاةِ بهذه الآيةِ على أنه يجوز وصلُ الموصولِ بجملةِ القسمِِ وجوابِه إذا عَرِيَتْ جملةُ القسمِ من ضمير عائد على الموصول نحو: «جاء الذي أحلفُ باللَّهِ لقد قام أبوه» وجَعَلَه ردَّاً على قدماء النحاةِ حيث زعموا منعَ ذلك، ولا دَلالةً في ذلك، إذ لقائلٍ أن يقول: ذلك القسمُ المحذوفُ لا أقدِّرُه إلا مشتملاً على ضميرٍ عائدٍ الموصول.
والقول الثاني - نقله ابن عطية عن بعضِهم - أنها لام التأكيد بعد تأكيد، وهذا خطأُ من قائله. والجمهورُ على «لَيُبَطِّئَنْ» بتشديد الطاء، ومجاهد بالتخفيف، وعلى كلتا القراءتين يحتمل أن يكون الفعل لازماً ومتعدياً، يقال: أَبْطَأَ وبَطَّأَ بمعنى بَطُؤَ أي: تكاسل وتثبَّط، فهذان لازمان، وإنْ قَدَّر أنهما متعدِّيان فمفعولُهما محذوفٌ أي: ليبطِّئَنْ غيرَه أي: يُثَبِّطه ويُجْبِنُه عن القتال. و «إذا لم أكن» ظرفٌ ناصبُه «أنعم الله» .
قوله تعالى: {لَيَقُولَنَّ} : الجمهورُ على فتحِ لام «ليقولَنَّ» لأنه فعل مسند إلى ضميرِ «مَنْ» مبنيُّ على الفتح لأجل نون التوكيد. وقرأ الحسن بضمها، فأسند الفعل إلى ضمير «مَنْ» أيضاً لكنْ حملاً له على معناها، والأصلُ: ليقولونَنَّ، وقد تقدَّم تصريفه.
قوله: {كَأَن لَّمْ تَكُنْ} هذه «كَأَنْ» المخففةُ من الثقيلة، وعملُها باقٍ عند
الصفحة 29
704