كتاب الدر المصون في علوم الكتاب المكنون (اسم الجزء: 5)

وقوله تعالى: {وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيّ} [الشعراء: 13] قالوا: تقديره: أبسبع، وأأفرح، وأذو، وأتلك. قال ابن الأنباري:» وهذا لا يجوز إلا حيث يكون ثَمَّ فاصلٌ بين الخبر والاستفهام، يعني إنْ دلَّ دليل لفظي كوجود «أم» في البيت الأول بخلاف ما بعده. والأًُفول: الغَيْبَةُ والذهاب، يقال: أَفَلَ يأفُل أُفولاً، قال ذو الرمَّة:
1966 - ... مصابيحُ ليسَتْ باللواتي تقودُها
نجومٌ ولا بالآفلاتِ شُموسُها ... والإِفَالُ: صغارُ الغنم، والأَفيل: الفصيل الضئيل.
قوله تعالى: {بَازِغاً} : حال من القمر. والبزوغ: الطلوع، يقال: بَزَغَ بفتح الزاي يبزُغ بضمِّها بُزوغاً، ويستعمل قاصراً ومتعدياً، يقال: بَزَغ البَيْطار الدابَّة أي: أسال دَمَهَا فَبَزَغ هو أي: سال، هذا هو الأصل، ثم قيل لكل طُلوع: بُزوغ، ومنه: بَزَغَ ناب الصبي والبعير تشبيهاً بذلك، والقمرُ معروفٌ، سُمِّي بذلك لبياضه وانتشار ضوئه، والأقمر: الحمار الذي على لون الليلة القمراء، والقَمْراء ضوء القمر، وقيل: سُمِّي قمراً لأنه يَقْمُر ضوء الكواكب ويفوز به، والليالي القُمْر: ليالي تَدَوُّرِ القمر وهي الليالي البيض، لأن ضوء القمر يستمرُّ فيها إلى الصباح، قيل: ولا يُقال له قمر إلا بعد امتلائه في ثالث ليلة وقبلها هلال، على خلاف بين أهل اللغة قَدَّمُتْه في البقرة عند قوله {عَنِ الأهلة} [البقرة: 189] ، فإذا بلغ بعد العشر ثالثَ ليلةٍ قيل له «بدر» إلى خامسَ عشر، ويقال: قَمِرْتُ فلاناً كذا اي خَدَعته عنه، وكأنه مأخوذ من قَمِرَتْ القِرْبَةُ فَسَدَت بالقَمْراء.

الصفحة 13