كتاب الدر المصون في علوم الكتاب المكنون (اسم الجزء: 5)

وإن كانَتْ جملةً ليسَتْ أجنبيةً حتى يُمْنَعَ الفصل بها لأنها من جملة مطلوبات المصدر، وقد تقدَّم لي نظيرُ ذلك بأشبع من هذا.
قوله: «نرفع» فيه وجهان الظاهر منهما: أنها مستأنفة لا محل لها من الإِعراب. الثاني: جوَّزه أبو البقاء وبدأ به أنها في موضع الحال من «آتيناها» يعني من فاعل «آتيناها» ، أي: في حال كوننا رافعين، ولا تكون حالاً من المفعول إذ لا ضمير فيها يعود إليه.
ويُقْرأ «نرفع» بنون العظمة وبياء الغيبة، وكذلك «يشاء» . وقرأ أهل الكوفة «درجات» بالتنوين وكذا التي في يوسف، والباقون بالإِضافة فيهما، فقراءة الكوفيين يحتمل نَصْبُ «درجات» فيها من خمسة أوجه أحدها: أنها منصوبةٌ على الظرف و «مَنْ» مفعول «نرفع» أي: نرفع مَنْ نشاء مراتب ومنازل. والثاني: أن ينتصبَ على أنه مفعول ثان قُدِّم على الأول، وذلك يحتاج إلى تضمين «نرفع» معنى فعلٍ يتعدَّى لاثنين وهو «يُعْطي» مثلاً، أي: نعطي بالرفع مَنْ نشاء درجات أي: رُتَباً، والدرجات هي المرفوعة كقوله: {رَفِيعُ الدرجات} [غافر: 15] وفي الحديث: «اللهم ارفع درجته في عليين» فإذا رُفعت الدرجةُ فقد رُفِعَ صاحبها. والثالث: أن ينتصب على حذف حرف الجر أي: إلى منازل وإلى درجات. الرابع: أن ينتصبَ على التمييز، ويكون منقولاً من المفعولية، فيؤول إلى قراءة الجماعة إذ الأصل: {نَرْفَعُ

الصفحة 26